يحفظه ، ثمّ هو أوّل من جمعه ، نقلوا كلّهم أنّه تأخّر عن بيعة أبي بكر ، فأهل الحديث لا يقولون ما تقوله الشيعة من أنّه تأخّر مخالفةً للبيعة ، بل يقولون : تشاغل بجمع القرآن ، فهذا يدلّ على أنّه أوّل من جمع القرآن ، لأنّه لو كان مجموعاً في حياة رسول الله(صلى الله عليه وآله) لما احتاج إلى أن يتشاغل بجمعه بعد وفاته(صلى الله عليه وآله) ، وإذا رجعت إلى كتب القراءات وجدت أئمّة القرّاء كلّهم يرجعون إليه ، كأبي عمرو بن العلاء ، وعاصم بن أبي النجود وغيرهما ؛ لأنّهم يرجعون إلى أبي عبدالرحمن السلمي القارئ ، وأبوعبدالرحمن كان تلميذه ، وعنه أخذ القرآن ، فقد صار هذا الفنّ من الفنون الّتي تنتهي إليه أيضاً ، مثل كثير ممّا سبق»(١).
فما يعني هذا الكلام؟ وهل جمع عليهالسلام بين اللوحين تنزيله وتأويله ، أو اختصّ بجمع أحدهما دون الآخر؟
والّذي أحتمله وأَميلُ إليه هو وجود مصحفين للإمام أميرالمؤمنين عليّ عليهالسلام :
أحدهما مجرّد عن التفسير والتأويل ، وهو ما يمكن أن نصطلح عليه بمصحف التلاوة والذِّكْر.
والآخر مفسَّر وَمُؤَوَّل ، وفيه شأن النزول ، والمحكم والمتشابه ، والناسخ والمنسوخ ، وأسماء المؤمنين والمنافقين ، كما فيه فضائح بعض المهاجرين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) شرح نهج البلاغة ١/٢٧.