الزمان ، لأن محلها قبل نحرها ، وإنما هي لترتيب الجمل ، ومن قال : إن الشعائر موضع الحج ، فمحلها مأخوذ من إحلال المحرم : أي أخر ذلك كله الطواف بالبيت يعني طواف الإفاضة إذ به يحل المحرم من إحرامه ومن قال : إن الشعائر أمور الدين على الإطلاق فذلك لا يستقيم مع قوله : محلها إلى البيت.
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) أي لكل أمة مؤمنة ، والمنسك اسم مكان أي موضعها لعبادتهم ، ويحتمل أن يكون اسم مصدر بمعنى عبادة ، والمراد بذلك الذبائح لقوله : «ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام» بخلاف ما يفعله الكفار من الذبح تقرّبا إلى الأصنام (فَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) في وجه اتصاله بما قبله وجهان : أحدهما أنه لما ذكر الأمم المتقدّمة خاطبها بقوله : فإلهكم إله واحد ، أي هو الذي شرع المناسك لكم ولمن تقدّم قبلكم ، والثاني : أنه إشارة إلى الذبائح أي إلهكم إله واحد فلا تذبحوا تقربا لغيره (الْمُخْبِتِينَ) الخاشعين وقيل : المتواضعين ، وقيل : نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ ، وكذلك قوله بعد ذلك : وبشر المحسنين واللفظ فيهما أعم من ذلك (وَجِلَتْ) خافت (وَالْبُدْنَ) جمع بدنة ، وهو ما أشعر من الإبل ، واختلف هل يقال للبقرة بدنة ، وانتصابه بفعل مضمر (مِنْ شَعائِرِ اللهِ) واحدها شعيرة ، ومن للتبعيض ، واستدل بذلك من قال : إن شعائر الله المذكورة أو على العموم في أمور الدين (لَكُمْ فِيها خَيْرٌ) قيل : الخير هنا المنافع المذكورة قبل ، وقيل : الثواب ، والصواب العموم في خير الدنيا والآخرة (صَوافَ) معناه : قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهنّ ، وهي منصوبة على الحال من الضمير المجرور ، ووزنه فواعل ، وواحده صافة (وَجَبَتْ جُنُوبُها) أي سقطت إلى الأرض عند موتها ، يقال : وجب الحائط وغيره إذا سقط (الْقانِعَ) معناه السائل ، هو من قولك قنع الرجل بفتح النون : إذا سأل ، وقيل : معناه المتعفف عن السؤال ، فهو على هذا من قولك : قنع بالكسر إذا رضي بالقليل (وَالْمُعْتَرَّ) المعترض بغير سؤال ، ووزنه مفتعل ، يقال : اعتررت بالقوم إذا تعرّضت لهم ، فالمعنى : أطعموا من سأل ومن لم يسأل ممن تعرض بلسان حاله ، وأطعموا من تعفف عن السؤال بالكلية ، ومن تعرض للعطاء (كَذلِكَ سَخَّرْناها لَكُمْ) أي كما أمرناكم بهذا كله سخرناها لكم ، وقال الزمخشري : التقدير مثل التخيير الذي علمتم سخرناها لكم.
(لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها) المعنى لن تصلوا إلى رضا الله باللحوم ولا بالدماء ، وإنما تصلون إليه بالتقوى أي بالإخلاص لله ، وقصد وجه الله بما تذبحون وتنحرون