المعنى في النحل والمراد أنهم يكرهون البنات فكيف ينسبونها إلى الله؟ تعالى الله عن قولهم.
(أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) المراد بمن ينشأ في الحلية النساء ، والحلية هي الحلي من الذهب والفضة ، وشبه ذلك. ومعنى ينشأ فيها يكبر وينبت في استعمالها. وقرئ (١) ينشأ بضم الياء وتشديد الشين بمعنى يربّى فيها ، والمقصد الرد على الذين قالوا : الملائكة بنات الله. كأنه قال : أجعلتم لله من ينشأ في الحلية وذلك صفة النقص ، ثم أتبعها بصفة نقص أخرى وهي قوله : وهو في الخصام غير مبين ، يعني أن الأنثى إذا خاصمت أو تكلمت لم تقدر أن تبين حجّتها لنقص عقلها ، وقلّ ما تجد امرأة إلا تفسد الكلام وتخلط المعاني ، فكيف ينسب لله من يتصف بهذه النقائص؟ وإعراب ينشأ مفعول بفعل مضمر تقديره : أجعلتم لله من ينشأ أو مبتدأ وخبره محذوف تقديره أو من ينشأ في الحلية خصصتم به الله (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) الضمير في جعلوا لكفار العرب ، فحكى عنهم ثلاثة أقوال شنيعة أحدها أنهم نسبوا إلى الله الولد ، والآخر أنهم نسبوا إليه البنات دون البنين ، والثالث أنهم جعلوا الملائكة المكرمين إناثا ، وقرئ (٢) عند الرحمن بالنون ، والمراد به قرب الملائكة وتشريفهم كقوله والذين عند ربك ، وقرئ عباد بالباء جمع عبد والمراد به أيضا الاختصاص والتشريف (أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ) (٣) هذا ردّ على العرب في قولهم : إن الملائكة إناث ، والمعنى لم يشهدوا خلق الملائكة ، فكيف يقولون ما ليس لهم به علم؟ (سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) أي تكتب شهادتهم التي شهدوا بها على الملائكة ، ويسألون عنها يوم القيامة (وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ) الضمير في قالوا للكفار ، وفي عبدناهم للملائكة ، وقال ابن عطية للأصنام : والأول أظهر وأشهر ، والمعنى : احتجاج احتجّ به الذين عبدوا الملائكة ، وذلك أنهم قالوا : لو أراد الله أن لا نعبدهم ما عبدناهم ، فكونه يمهلنا وينعم علينا : دليل على أنه يرضى عبادتنا لهم ، ثم رد الله عليهم بقوله (ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ) يعني أن قولهم بلا دليل وحجة ، وإنا هو تخرّص منهم (أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ) أي من قبل القرآن ، وهذا أيضا رد عليهم ؛ لكونهم ليس لهم كتاب يحتجون به (بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ) أي على دين وطريقة ، والمعنى أنهم ليس لهم حجة ، وإنما هم مقلدو آبائهم (وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ) الآية المعنى كما اتبع
__________________
(١). قرأ عاصم وحمزة والكسائي بالتشديد والباقون : ينشأ بالتخفيف.
(٢). قرأ نافع وابن عامر وابن كثير : عند الرحمن وقرأ الباقون : عباد الرحمن.
(٣). قرأ نافع أأشهدوا.