الإسلام وقوله ، وأقاموا الصلاة ، لأن عثمان كان كثير الصلاة بالليل ، وفيه نزلت أمّن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما الآية : وروي أنه كان يحيي الليل بركعة يقرأ فيها القرآن كله ، وقوله : وأمرهم شورى بينهم لأن عثمان ولي الخلافة بالشورى ، وقوله : ومما رزقناهم ينفقون ، لأن عثمان كان كثير النفقة في سبيل الله ، ويكفيك أنه جهّز جيش العسرة ، وأما صفة عليّ فقوله : والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون ، لأنه لما قاتلته الفئة الباغية قاتلها انتصارا للحق ، وانظر كيف سمّى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المقاتلين لعلي الفئة الباغية حسبما ورد في الحديث الصحيح أنه قال لعمار بن ياسر : تقتلك الفئة الباغية فذلك هو البغي الذي أصابه وقوله : «فمن عفا وأصلح فأجره على الله» إشارة إلى فعل الحسن بن عليّ حين بايع معاوية ، وأسقط حق نفسه ليصلح أحوال المسلمين ، ويحقن دماءهم قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في الحسن : إن ابني هذا سيّد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين (١) وقوله : ولمن انتصر بعد ظلمه ، فأولئك ما عليهم من سبيل إشارة إلى انتصار قيام الحسين بعد موت الحسن ، وطلبه للخلافة وقوله : «إنما السبيل على الذين يظلمون الناس» إشارة إلى بني أمية ، فإنهم استطالوا على الناس كما جاء في الحديث عنهم : أنهم جعلوا عباد الله خولا ومال الله دولا ، ويكفيك من ظلمهم أنهم كانوا يلعنون علي بن أبي طالب على منابرهم (٢) ، وقوله : «ولمن صبر وغفر» الآية إشارة إلى صبر أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على ما نالهم من الضر والذل ، طول مدّة بني أمية (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) سمى العقوبة باسم الذنب ، وجعلها مثلها تحرزا من الزيادة عليها (فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ) هذا يدل على أن العفو عن الظلمة أفضل من الانتصار ، لأنه ضمن الأجر في العفو ، وذكر الانتصار بلفظ الإباحة في قوله : «ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل» وقيل : إن الانتصار أفضل ، والأول أصح فإن قيل : كيف ذكر الانتصار في صفات المدح في قوله «والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون» والمباح لا مدح فيه ولا ذم ، فالجواب : من ثلاثة أوجه أحدها أن المباح قد يمدح لأنه قيام بحق لا بباطل ، والثاني أن مدح الانتصار لكونه كان بعد الظلم ، تحرزا ممن بدأ بالظلم فكأن المدح إنما هو بترك الابتداء بالظلم ، والثالث إن كانت الإشارة بذلك إلى علي بن أبي طالب حسبما ذكرنا فانتصاره محمود ، لأن قتال أهل البغي واجب لقوله تعالى «فقاتلوا التي
__________________
(١). الحديث في البخاري رواه في كتاب الصلح ج ٣ / ١٧٠.
(٢). عند ما بويع عمر بن عبد العزيز منع السب وأبدله بتلاوة قوله تعالى : إن الله يأمر بالعدل والإحسان (وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى) إلخ [النحل : ٩٠].