العملية الاحتمالية. وهذا الترخيص يستتبع ترخيصا عقليا ، لأن كل ما حكم به الشرع حكم به العقل (١) ومتابعة العقل للشارع في ذلك تناقض حكمه بوجوب الإطاعة وبوجوب إحرازها ، لأن إلزامه بتحصيل الجزم بها ، وترخيصه بعدم تحصيله ، تناقض واضح ، لأنه ينتهي إلى أنه أمر بها ولم يأمر بها (٢).
فإن أريد بكون احتمال المناقضة كالمناقضة في الاستحالة ما ذكرناه ، فهو حق ، وإن أريد به غيره طالبناهم بالدليل.
ودعوى بداهة استحالة احتمال المناقضة كبداهة استحالة المناقضة ممنوعة ، وعهدتها على مدعيها ، ولو كانت بديهية ، لما احتاج المحققون إلى مثل ما نحن فيه من الإطاعة والإسهاب.
ودعوى أن العلم باستحالة اجتماع النقيضين يلازم العلم باستحالة احتمال اجتماعهما ، لأن العلم يمنع من احتمال الخلاف ، فإذا علمنا باستحالة الاجتماع ، الاجتماع ، مسلمة ، ولكن دعوى كون ما نحن فيه منه ، ممنوعة للفرق بين هذا وبين ما نحن فيه. فإن هذا إنما هو بعد جزمنا بعدم احتمال فرض احراز كونهما نقيضين ، والصغرى فيما نحن فيه (أعني كونهما نقيضين) غير محرزة.
وأما احتمال مناقضة الشارع لنفسه فكذلك ودعوى وجود احتمال المناقضة في مورد جعل الاحكام الظاهرية لملازمتها لاحتمال مخالفتها للاحكام الأولية ممنوعة ولا سيما بعد الجمع بين الأدلة الأولية وأدلة الأصول بطريق تكون نتيجته نتيجة تقييد الأحكام بالعالمين في حال الشك ، أعني المرحلة الفعلية (٣) وبالجملة ، مناقضة الشارع لنفسه مستحيلة لما فيها من تعجيز العبد ، ومن نسبة
__________________
(١) لاحظ التعليقة الثانية في قاعدة منجزية العلم الإجمالي. ص ٢٣٠.
(٢) وقد ذكر المحقق الآشتياني في حاشيته على الرسائل ص ١٣٥ من المراد بالمناقضة المناقضة لحكم العقل لا الشرع ، وادعى أنه يمكن جعل البدل الشرعي.
(٣) راجع القاعدة ٤٣ ص. وينبغي التنبه إلى أن هذا متين إذا سلم من شبهة التصويب. ومن لوازمها التي يصعب الالتزام بها ، وأهمها القول بالاجزاء ، وعدم وجوب الإعادة في الوقت ، والقضاء في خارجه ، مع انكشاف الخلاف. وتمام الكلام في القاعدة المتضمنة للجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية.