واما منع الكبرى : اعني لزوم الاجمال من كثرة التخصيص ، فلأن العمومات المخصصة على نحويين.
اولهما : أن يكون العام قضية خارجية ، مثل : اكلت كل رمانة في البستان وقتل كل من في المعسكر. فإن كثرة التخصيص في مثل هذا الفرض ، إذا أدّت إلى استهجان استعمال العام في الباقي لقلته عرفا ، كشف ذلك عن عدم إرادة مدلول العام كما لو تبين أنه أكل رمانتين ، أو قتل جنديان فإنه مستهجن قطعا ، سواء أكان الاستثناء بجامع واحد أو بدونه.
ثانيهما : أن يكون العام قضية حقيقية. ولا ريب أن كثرة التخصيص لا توجب الاستهجان فيه ، لأن الحكم فيها متعلق بالطبيعة الحاكية عن الافراد الفرضية الممكنة التحقق ، التي لا حد لها ولا حصر.
إذا عرفت هذا فاعلم أنه يمكن أن يقال بدوا : إن مفاد قاعدة لا ضرر حكم شرعي والأحكام الشرعية كلها على نهج القضايا الحقيقية. وحينئذ فلا يضرها كثرة التخصيص. ويمكن أن يقال : إنها من قبيل القضايا الخارجية ، لأنها بعد فرض حكومتها على الادلة الاولية ، تكون ناظرة لها بعد الفراغ عن وجودها. ولكن مع ذلك لا يكون حالها حال القضايا الخارجية من حيث وهنها بكثرة التخصيص ، فإنه يمكن أن تكون ناظرة للادلة الاولية على تقدير تشريعها ، فتكون قضية حقيقية وهو غير بعيد. ولذا لا يلاحظ تاريخ صدورها وتاريخ صدور الادلة الاولية. وهذا كلام يطرد بالنسبة لجميع الادلة الحاكمة ، ويحسن التنبه له.
هذا كله مضافا إلى أمر مهم. وهو أن شمول القاعدة لجميع الادلة الاولية بالاطلاق ، لأن النكرة في سياق النفي ليست من ادوات العموم. ولو سلم كونها منها فهي تفيده من حيث افراد الضرر ، لا من حيث الادلة التي يكون الحكم المستفاد منها مسببا للضرر في بعض الاحوال. ولا يخفى أن وجود القيد يرفع الاطلاق من رأس ، لا أنه يزاحمه ويعارضه. فالمقام ليس من باب العام