وثالثا
: أن لا ضرر
حكم امتناني ارفاقي. فرفع اللزوم في حال الجهل بالغبن فيه منة. واما رفع صحة
الوضوء الضرري ، في حال الجهل بالضرر ، فلا منة فيه ، لأن نتيجة رفعه بطلانه ووجوب
اعادته ، واعادة كل ما فعله به مما هو مشروط فيه.
واما في حال
العلم بالغبن فلا موجب للامتنان في رفع اللزوم ، ويشكل بانه في حال العلم بالتضرر
بالوضوء ايضا لا موجب للامتنان في رفع صحة الطهارة ، فينبغي أن لا يشمله الحديث ،
وينبغي أن يصح ، وهذا اشكال لا مدفع له.
ودعوى بطلانه
لعدم تمكنه من نية القربة صحيحة ، ولكنها خروج عن قاعدة ضرار ، إلى قاعدة حرمة
الاضرار بالنفس والبدن. والمقصود ابطال الوضوء الضرري في حال العلم بتضرره به
بقاعدة لا ضرر ، لا بحرمة الاضرار بالنفس ، فانه أمر آخر.
ثم أن في جريان
لا ضرر في الاحكام التكليفية شبهات اخرى غير ما مر :
اولها
: إن حديث نفي
الضرر حديث امتناني ، وأنه نظير آية نفي الحرج ، وانه ينبغي أن يكون مفادهما رخصة
لا عزيمة ، فيكون مفادهما رفع الالزام دون اصل المشروعية فإنه لا منة في رفعها.
وينبغي حينئذ أن يصح الوضوء إذا كان حرجيا أو ضرريا ما لم يبلغ الضرر الحد المحرم
لامتناع التقرب بالمحرم ، كما اوضحنا ذلك كله آنفا.
وستعرف في
التنبيه الثاني إن شاء الله تعالى أن الشهيد في الدروس التزم بهذه النتيجة في بعض
المسائل ، ومثله السيد في العروة في المسألة ٦٤ من مسائل بقية شرائط الاستطاعة.
ثانيها : إنه ينبغي أن يصح الوضوء بالملاك ، لأن حكومة الحديث
على الادلة الاولية لا تستوجب رفع الملاك ، لأنها ليست كالتخصيص. والجواب أنه