لكونها ضابطا لكثير من موارد الضمان مطردا منعكسا ، بعد ملاحظة شروطها
الآتية. وبالجملة ، فمدرك الضمان هو قاعدة على اليد ، والاحترام ، والاتلاف.
وقاعدة
الاستيفاء أخص من هذه القواعد ، بل هي جامعة لبعض مواردها ، ولا يحضرنا الآن مورد
من الموارد تنفرد فيه هذه القاعدة عن هذه القواعد الثلاث. نعم لو لم يبن على قاعدة
الاحترام لزمنا ، لا محالة ، الاستناد إليها في موارد الأمر المعاملي الذي ليس هو
معاطاة لعدم مجيء اليد والاتلاف ، إلا بضرب من التأويل بدعوى أن استيفاء المنفعة
اتلاف.
المقام
الثاني : في شرائطها.
والذي ذكره لها السيد الأستاذ مد ظله بعد أن احكمها في مجلس درسه شروط ثلاثة.
الأول : أن يقع الفعل من العامل عن أمر من المعمول له.
والمراد بالأمر مضمونه ، وهو الرغبة المنكشفة أما ب (افعل) ، واما بالعقد ، وأما
بتهيئة نفسه واما بالاشارة ، واما بغير ذلك. كأن يقول للحمال : احمل متاعي ، أو
يعقد مع البناء عقدا على اقامة جدار فيقيمه ، ويتبين فساد العقد للتعليق مثلا ، أو
يجلس على كرسي الحلاق ويكشف رأسه للحلاقة.
الثاني : أن يكون العمل أو المنفعة تعود إلى الآمر. والمراد
بعودها إليه أن تكون على وفق رغبته ، فالأمر بكنس المسجد ، أو اصلاح الطريق العام
، به منفعة عائدة إلى الآمر ، باعتبار أن فيه اشباعا لشهوته ، وتحقيقا لمآربه.
الثالث : أن لا يقصد العامل المجانية بعمله. ويتفرع على هذه
الشروط أن الخياط لو خاط ثوب زيد اشتباها لم يستحق الاجرة ، لأنه ليس بأمره. ولو
سبقه في المسابقة الفاسدة لم يستحق الجعل ، لأنه لا رغبة له فيه. لأن رغبته في أن
يسبق هو ، أهذا هو محط المسابقة . ولو قصد التبرع كان هاتكا لحرمة عمله متبرعا به متلفا
له.
__________________