عند الفقهاء ، وإن أريد بها معنى آخر فلا أصل لها ولا دليل يدل عليها.
وينبغي التنبه إلى أن مقتضى الأصل الأولى في العقود هو الفساد لأن مقتضى الأصل عند الشك في شرطية شيء فيها عدم ترتب الاثر عليها ومرجع أصالة الفساد هذه إلى أصالة عدم ترتب الاثر أو إلى استصحاب بقاء كل شيء من طرفي متعلق العقد على ما كان عليه قبل العقد ، فإن الثمن مثلا كان ملكا للمشتري ، والمثمن كان ملكا للبائع ، فإذا شككنا في انتقاله عنه ، استصحبنا بقائه في ملكه.
وأما : أصالة العدم في العبادات كالصلاة والصوم ، فإنها بنفسها لا أصل لها ولكنها مرة ترجع لأصالتي العموم والاطلاق ، وأخرى لأصل البراءة ، أما رجوعها لأصالة عدم المقيد والمخصص ، فهو مبني على وضع الفاظ العبادات للاعم من الصحيح والفاسد ، لأنه على هذا التقدير يمكن إحراز المسمى عرفا بنظر المتشرعة ، وحينئذ يمكن نفي احتمال شرطية شيء فيها بأصالة عدم التقييد ، وهذا واضح ، ولكن التحقيق هو وضعها للصحيح ، ومعه لا يمكن إحراز المسمى ، لأن العبادات مخترعة ، وأدلتها ناقلة لا مقررة ، ومعه يرجع الشك إلى الشك في أصل المفهوم ، ولا يكون المسمى محرزا.
وأما : رجوعها لأصل البراءة ، فإن كان الشك فيه من باب الشك بين الأقل والأكثر غير الارتباطيين ، فلا شك في جريانها ، بل ولا خلاف بحسب الظاهر.
وأما : إذا كان الشك فيه من باب الشك بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، فإن جريانها حينئذ مبني على أن الوجوب انحلالي ، وعلى أن نفي المشكوك بالأصل لا يتكفل إلا بالنفي ، وعلى أن وجوب الباقي وجداني ، وإجزاء الاتيان به عقلي ، لأنه أتى بما وجب يقينا.
والمسألة : محررة في الأصول بإسهاب ، وهي مطرح أنظار الفحول ، ولعلّ ما ذكرناه هو الزبدة (١).
__________________
(١) فرغنا منها صباح الثلاثاء ٢٨ / ١١ / ١٩٨٣ م الموافق ٢٤ صفر ١٤٠٤ ، بعد ما كنا شرعنا فيها في حاريص في أوائل ذي الحجة ١٤٠٣ ه ، والم بنا عارض ليلة الجمعة ليلة عرفة أقعدنا عن العمل نحو خمسين يوما.