إلّا الالتزام بفعل المنذور ، ووجوب الوفاء بالنذر يقتضي وجوبه لا غير. لكن المبني المذكور خلاف ظاهر الكلام جدا كما عرفت.
ثم إنه بناء على ثبوت حق لله سبحانه أو الفقراء ، فالحق المذكور يقتضي المنع من التصرف في موضوعه ، لأن قاعدة السلطنة على الحقوق ـ التي هي كقاعدة السلطنة على الأموال ـ توجب قصور سلطنة غير السلطان عن كل تصرف مناف لذلك الحق ، ومن المعلوم أن التصرف بالعين مناف له فيمتنع. وبناء على عدمه فالتكليف بالوفاء بالنذر لما كان مستتبعا للتكليف بحفظ المال مقدمة للتصدق ، فكل ما ينافي حفظه يكون ممنوعا عنه ، لئلا يلزم مخالفة التكليف النفسي بالتصدق ، كما عرفت. نعم يفترق الأخير عن الأولين : بأن التصرف الاعتباري ـ بالبيع أو الهبة أو نحوهما ـ على الأخير يكون صحيحا وإن كان محرما ، لعدم اقتضاء تحريمه الفساد ، نظير البيع وقت النداء. وعلى الأولين يكون فاسدا ، لقصور سلطنة المالك على ماله الذي هو موضوع حق الغير.
ثم إن هذا كله فيما لو نذر التصدق ، بمعنى الفعل ، أما لو نذر كونه صدقة المسمى بنذر النتيجة ، فعن المدارك : أنه قطع الأصحاب بأن هذا أولى من الأوّل ، يعني : في المنع عن وجوب الزكاة. وكأنه لصيرورته صدقة بنفس النذر ، وخروجه عن ملك الناذر بمجرد النذر ، وظاهره المفروغية عن صحته. وكأنه إما لبنائهم على صحة نذر النتيجة كلية ، أو في خصوص نذر الصدقة ، فعن بعض : دعوى الاجماع على الخروج عن الملكية إذا نذر كون الحيوان هديا ، وعن بعضهم ذلك إذا نذر كونه اضحية.