التُّرابِ؟
أَلا ساءَ ما يَحْكُمُونَ) وقال تعالى : ٤٣ : ١٧ (وَإِذا بُشِّرَ
أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ
كَظِيمٌ).
ومن هاهنا عبّر
بعض المعبرين لرجل قال له : رأيت كأن وجهي أسود. فقال له : ألك امرأة حامل؟ قال :
نعم. قال تلد لك أنثى؟
قول الله تعالى ذكره :
(وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا
إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلا الْإِيمانُ
وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ
لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢))
قد قيل : إن
الضمير في «جعلناه» عائدا إلى الأمر. وقيل : إلى الكتاب. وقيل : إلى الإيمان.
والصواب : أنه
عائد إلى «الروح» أي جعلنا الذي أوحيناه إليك نورا ، فسماه روحا لما يحصل به من
الحياة الطيبة ، والعلم والقوة. وجعله نورا لما يحصل به من الإشراق والإضاءة ،
وهما متلازمان. فحيث وجدت هذه الحياة بهذا الروح وجدت الإضاءة والاستنارة ، وحيث
وجدت الاستنارة والإضاءة وجدت الحياة.
فمن لم يقبل قلبه
هذا الروح فهو ميت مظلم ، كما أن من فارق بدنه روح الحياة فهو هالك مضمحل.
فلهذا يضرب سبحانه
وتعالى المثلين المائي والناري لما يحصل بالماء من الحياة ، وبالنار من الإشراق
والنور ، كما ضرب ذلك في أول سورة البقرة.