وإذا كان القيام بالقسط يكون في القول والفعل : كان المعنى : أنه كان سبحانه يشهد ، وهو قائم بالعدل عالم به ، لا بالظلم. فإن هذه الشهادة تضمنت قولا وعملا. فإنها تضمنت أنه هو الذي يستحق العبادة وحده دون غيره ، وأن الذين عبدوه وحده هم المفلحون السعداء. وأن الذين أشركوا به غيره : هم الضالون الأشقياء. فإذا شهد قائما بالعدل المتضمن جزاء المخلصين بالجنة ، وجزاء المشركين بالنار : كان هذا من تمام موجب الشهادة ، وتحقيقها. وكان قوله : «قائما بالقسط» تنبيها على جزاء الشاهد بها والجاحد لها. والله أعلم.
فصل
وأما التقدير الثاني ـ وهو أن يكون قوله : «قائما» حالا مما بعد «إلا» ـ فالمعنى : أنه لا إله إلا هو قائما بالعدل. فهو وحده المستحق الإلهية ، مع كونه قائما بالقسط.
قال شيخنا : وهذا التقدير أرجح. فإنه يتضمن أن الملائكة وأولي العلم ، يشهدون له بأنه لا إله إلا هو ، وأنه قائم بالقسط.
قلت : مراده : أنه إذا كان قوله : «قائما بالقسط» حالا من المشهود به : فهو كالصفة له. فإن الحال صفة في المعنى لصاحبها. فإذا وقعت الشهادة على ذي الحال وصاحبها ، كان كلاهما مشهودا به. فيكون الملائكة وأولوا العلم قد شهدوا بأنه قائم بالقسط ، كما شهدوا بأنه لا إله إلا هو.
والتقدير الأول لا يتضمن ذلك. فإنه إذا كان التقدير : شهد الله قائما بالقسط : أنه لا إله إلا هو ، والملائكة وأولو العلم يشهدون أنه لا إله إلا هو ـ كان القيام بالقسط حالا من اسم الله وحده.
وأيضا : فكونه قائما بالقسط فيما شهد به أبلغ من كونه حالا من مجرد الشهادة.