إن جعلته استثناء
متصلا فله وجه صحيح من التأويل.
معناه : إلا الذين
ظلموا فإنّ لهم عليكم حجة لا صحة لها ، وهي ـ وإن لم تصح ـ لا يزول عنها اسم الحجة
، كقوله تعالى : (حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ) وإن كانت داحضة باطلة سمّاها حجة.
وكقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ
إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) .
وحقيقة الحجة في
اللغة : إظهار برهان تدحض به حجة الخصم.
وقيل : إن
الاستثناء ههنا منقطع ، فمعناه : لكن الذين ظلموا فإنهم يحتجون عليكم ولا حجة لهم.
وقيل : إن
الاستثناء ههنا بمعنى الواو ، كأنه قال : لئلا يكون للناس «لليهود» عليكم حجة ،
والذين ظلموا : أشركوا لا حجة لهم أيضا.
ونظائرها من
القرآن من المتصل والمنقطع بمعنى الواو ما نذكرها إن شاء الله ، منها قوله تعالى :
(لا يُحِبُّ اللهُ
الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ) ، فههنا يحتمل
المنقطع والمتصل ، أما المنقطع ، فمعناه لكن من ظلم فمرخّص له أن يجهر. ومعنى
المتصل : لا يحب الله الجاهر بالقول السوء إلا من ظلم ، فإنه إن يجهر القول
بالدعاء على ظالمه ويظهر شكاية منه كان له ذلك.
وقوله تعالى : (لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا
تَأْثِيماً إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً) . المعنى : لكن يسمعون ؛ لأن الاستثناء إذا لم يكن من جنس
المستثنى منه يكون منقطعا ، فيكون منصوبا على القطع.
__________________