كنتم خرجتم مجاهدين مبتغين مرضاتي ، ويجوز أن يكونا مفعولين لهما (١) ، وهو اختيار الزجاج (٢).
قوله تعالى : (تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) كلام مستأنف ، مضمونه : الإعلام بعدم انتفاعهم بالإسرار إليهم ؛ لاستواء السر والعلانية بالنسبة إلى علم الله تعالى.
وجائز أن يكون استئنافا بإضمار الهمزة ، على معنى : الإنكار عليهم والتوبيخ لهم على موالاة الكفار ومصافاتهم ، والإسرار إليهم بالمودة (٣).
والباء في" بالمودة" كالتي قبلها ، والواو في : " وأنا أعلم" للحال (٤).
ثم هدّدهم فقال : (وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ) يعني : بعد هذا النهي والزجر والبيان الواضح ، (فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) أخطأ طريق الهدى.
ثم أكّد ذلك وأخبرهم بما في أنفسهم لهم من العداوة فقال : (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ) أي : يظفروا بكم (يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً) ظاهري العداوة ، (وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ) بالقتل والشتم ، (وَوَدُّوا) أحبوا وتمنّوا (لَوْ تَكْفُرُونَ) فهم يريدون بكم هلاك الدنيا والآخرة.
المعنى : فكيف توالونهم وهذه حالهم معكم؟
ولما كان الحامل لحاطب والباعث له على مناصحة الكفار ؛ الخوف على قراباته والمحاماة عليهم قال : (لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ) أي : ذوو أرحامكم (وَلا
__________________
(١) انظر : الدر المصون (٦ / ٣٠٢).
(٢) معاني الزجاج (٥ / ١٥٦).
(٣) في ب : بالمودة إليهم.
(٤) انظر : الدر المصون (٦ / ٣٠٢).