قلت : هي مكررة في المعنى ؛ لأن معنى : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) : لا فكّ رقبة ، ولا أطعم مسكينا. فكأنه قال : لا فعل ذا ولا ذا ولا ذا. قاله الفراء والزمخشري (١) ، وأشار إليه الزجاج (٢).
قوله تعالى : (وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ) قال سفيان بن عيينة : كل ما فيه" وما أدراك" فقد أخبره به ، وكل ما فيه" وما يدريك" فإنه لم يخبره به (٣).
قوله تعالى : (فَكُّ رَقَبَةٍ) قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي : " فكّ" بفتح الكاف ، " رقبة" بالنصب ، " أو أطعم" على صيغة الفعل الماضي ، على الإبدال من قوله : " اقتحم العقبة". وقرأ الباقون : " فكّ" بضم الكاف ، " رقبة" بالجر على الإضافة ، " (أَوْ إِطْعامٌ)" (٤) ، على معنى : هي فك رقبة (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ).
ومعنى فك الرقبة : تخليصها من أسر الرقّ.
وفي الحديث : «أن رجلا أتى النبي صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله! علمني عملا يدخلني الجنة. قال : إن كنت أقصرت الخطبة ، لقد أعرضت المسألة ، أعتق النسمة وفكّ الرقبة. فقال : أو ليسا واحدا؟ قال : لا ، عتق النسمة : أن تنفرد بعتقها. وفك الرقبة : أن تعين في ثمنها» (٥).
__________________
(١) معاني الفراء (٣ / ٢٦٥) ، والكشاف (٤ / ٧٥٩).
(٢) معاني الزجاج (٥ / ٣٢٩).
(٣) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٩ / ١٣٤).
(٤) الحجة للفارسي (٤ / ١٢٤) ، والحجة لابن زنجلة (ص : ٧٦٤) ، والكشف (٢ / ٣٧٥) ، والنشر (٢ / ٤٠١) ، والإتحاف (ص : ٤٣٩) ، والسبعة (ص : ٦٨٦).
(٥) أخرجه أحمد (٤ / ٢٩٩) ، والحاكم (٢ / ٢٣٦ ح ٢٨٦١) ، والدارقطني (٢ / ١٣٥ ح ١). قال الهيثمي في مجمع الزوائد (٤ / ٢٤٠) : رواه أحمد ، ورجاله ثقات.