قال أبو علي (١) : حجة من قرأ على الإفراد : أن المفازة والفوز واحد ، وإفراد المفازة كإفراد الفوز من حيث إنه مصدر.
ووجه من قرأ على الجمع : أن المصادر قد تجمع إذا اختلفت أجناسها ، ومثله في الجمع والإفراد قوله تعالى : (عَلى مَكانَتِكُمْ) [الأنعام : ١٣٥] و «مكاناتكم».
وقال الزمخشري (٢) : قرئ : «بمفازاتهم» على أن لكل متّق مفازة.
قوله تعالى : (لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) تفسير للمفازة ، كأنه قيل : وما مفازتهم؟ فقيل : لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون ، أي : ننجيهم بنفي السوء والحزن عنهم أو بسبب منجاتهم ، من قوله تعالى : (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ) [آل عمران : ١٨٨] أي : بمنجاة منه.
فإن قلت : ما محل «لا يمسهم» من الإعراب على التفسيرين؟
قلت : أما على الأول فلا محل له. وأما على الثاني فمحله النصب على الحال.
قوله تعالى : (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) قال الزجاج وابن قتيبة وغيرهما من أهل اللغة والمفسرين (٣) : المقاليد : المفاتيح.
يريد : أن كل شيء من السموات والأرض فالله خالقه ومالكه وفاتح بابه ، ولا
__________________
ـ (٢ / ٣٦٣) ، والإتحاف (ص : ٣٧٦) ، والسبعة (ص : ٥٦٣).
(١) الحجة للفارسي (٣ / ٣٤٢).
(٢) الكشاف (٤ / ١٤٢).
(٣) أخرجه مجاهد (ص : ٥٦٠) ، والطبري (٢٤ / ٢٣) ، وابن أبي حاتم (١٠ / ٣٢٥٥). وذكره السيوطي في الدر (٧ / ٢٤٣ ، ٢٤٥) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ، وطرق أخرى كثيرة ، فانظرها ، والزجاج في معاني القرآن (٤ / ٣٦١) ، وابن قتيبة في تفسير غريب القرآن (ص : ٣٨٤).