وقوله تعالى : (بِغَيْرِ عِلْمٍ) في موضع الحال ، تقديره : اتبعوا أهوائهم جاهلين. وهذا غاية الذم ؛ لأنهم لو اتبعوا أهواءهم عالمين لرجي رجوعهم ، ولكانوا بسبيل من مراجعة رشدهم.
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)(٣٢)
قوله تعالى : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً) حال من المأمور أو من «الدين» (١). والمعنى : قوّم وجهك للدين وعدّله ولا تلتفت يمينا ولا شمالا ، وهو تمثيل لإقباله على الدين واستقامته عليه.
وقال أبو سليمان الدمشقي : المعنى : استقم بدينك نحو الجهة التي وجهك الله تعالى إليها (٢).
(فِطْرَتَ اللهِ) أي : الزموا فطرة الله ، أو عليكم فطرة الله (٣).
(الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) والفطرة : الخلق ، بدليل قوله : (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ)
__________________
(١) انظر : الدر المصون (٥ / ٣٧٧).
(٢) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٦ / ٣٠٠).
(٣) هذا قول الزمخشري في الكشاف (٣ / ٤٨٤). وردّ هذا أبو حيان في البحر (٧ / ١٦٧) قال : وقول الزمخشري «أو عليكم فطرة الله» لا يجوز ؛ لأن فيه حذف كلمة الإغراء ، ولا يجوز حذفها لأنه قد حذف الفعل وعوض «عليك» منه ، فلو جاز حذفه لكان إجحافا ، إذ فيه حذف العوض والمعوض منه.