الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً)(١).
قال مجاهد : ما كان بين أن يحملها وبين أن خرج من الجنة إلا قدر ما بين الظهر إلى العصر (٢).
وقال الزجاج (٣) : حقيقة هذه الآية ـ والله تعالى أعلم وهو موافق للتفسير ـ : أن ائتمان بني آدم على ما افترضه عليهم ، وائتمان السموات والأرض والجبال ؛ لقوله تعالى : (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت : ١١].
واعلم أن من الحجارة ما يهبط من خشية الله ، وأن الشمس والقمر والنجوم والجبال والملائكة وكثيرا من الناس يسجدون له ، فعرّفنا سبحانه أن السموات والأرض والجبال لم تحمل الأمانة ، أي : أدّتها ، وكل من خان الأمانة فقد احتملها ، وكذلك كل من أثم فقد احتمل الإثم. قال الله تعالى : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ) [العنكبوت : ١٣] ، فأعلم أن من باء بالإثم يسمى حاملا للإثم ، والسموات والأرض والجبال أبين أن يحملن الأمانة وأدّينها ، وأداؤها طاعة الله تعالى فيما أمر به وترك المعصية.
(وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) الكافر والمنافق حمل الأمانة ، أي : خانا ولم يطيعا. هذا آخر كلام الزجاج.
قال المقاتلان (٤) : إنه كان ظلوما لنفسه ، جهولا بعاقبة أمره.
__________________
(١) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٤٨٥).
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠ / ٣١٦٠). وذكره السيوطي في الدر (٦ / ٦٦٩) وعزاه لابن أبي حاتم.
(٣) معاني الزجاج (٤ / ٢٣٨).
(٤) انظر : تفسير مقاتل بن سليمان (٣ / ٥٧). وذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٤٨٥).