هابيل ، فرجع آدم فوجد ابنه قد قتل أخاه ، فذلك حيث يقول : (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ ...) الآية (١).
قال جمهور المفسرين : ركب الله تعالى العقل في هذه الأعيان وأفهمهنّ خطابه وأنطقهنّ بالجواب (٢).
وقال الحسن : المراد : عرضنا الأمانة على أهل السموات والأرض وأهل الجبال من الملائكة ولم يكن إباؤهن مخالفة ، وإنما كان خشية من خوف الخيانة ؛ لأن العرض كان على وجه التخيير لا على وجه الإلزام ، وهو قوله تعالى : (وَأَشْفَقْنَ مِنْها)(٣) ، أي : خفن من حملها العقاب بتقدير ترك الأداء.
(وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ) قال ابن عباس : يريد : آدم ، عرض الله تعالى عليه أداء الفرائض ، الصلوات الخمس في مواقيتها ، وأداء الزكاة عند محلها ، وصيام رمضان ، وحج البيت على أن له الثواب وعليه العقاب ، فقال آدم : بين أذني وعاتقي (٤).
قال مقاتل بن حيان : قال الله تعالى لآدم : أتحمل هذه الأمانة وترعاها حق رعايتها؟ قال آدم : وما لي عندك؟ قال : إن أحسنت وأطعت ورعيت الأمانة فلك الكرامة وحسن الثواب في الجنة ، وإن عصيت وأسأت فإني معذبك ومعاقبك ، قال : قد رضيت رب وتحملتها ، فقال : قد حملتكها ، فذلك قوله تعالى : (وَحَمَلَهَا
__________________
(١) أخرجه الطبري (٢٢ / ٥٦ ـ ٥٧).
(٢) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٤٨٤) ، وابن الجوزي في زاد المسير (٦ / ٤٢٨).
(٣) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٦ / ٤٢٨ ـ ٤٢٩).
(٤) ذكره الواحدي في الوسيط (٣ / ٤٨٥).