قوله تعالى : (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) في محل الحال من الفاعل المضمر في «تبدّل» ، لا من المفعول الذي هو «من أزواج» ؛ لتوغله في «إلا» التنكير.
(إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) يعني : فإنهن غير محصورات بعدد. أو يكون المعنى : إلا ما ملكت يمينك من الكتابيات.
ويجيء على قول أبي هريرة وابن زيد : أن يكون إلا ما ملكت يمينك فلك الاستبدال بها.
فصل
اختلف العلماء في قوله تعالى : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ) هل نسخ أم لا؟ فروي عن علي وابن عباس وعائشة وأم سلمة أنه نسخ بقوله تعالى : (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ)(١).
__________________
ـ لكانت القراءة والتنزيل : ولا أن تبادل بهن.
(١) انظر دعوى النسخ في : الناسخ والمنسوخ لابن سلامة (ص : ١٤٤) ، والناسخ والمنسوخ لابن حزم (ص : ٥١) ، ونواسخ القرآن لابن الجوزي (ص : ٤٣١ ـ ٤٣٣).
وذهب ابن جرير الطبري (٢٢ / ٣٠) إلى إحكام الآية فقال : وأولى الأقوال عندي بالصحة قول من قال : معنى ذلك : لا يحل لك النساء من بعد اللواتي أحللتهن لك بقولي : (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ...) إلى قوله : (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ). وإنما قلت ذلك أولى بتأويل الآية ؛ لأن قوله : (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ) عقيب قوله : (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ) ، وغير جائز أن يقول : قد أحللت لك هؤلاء ، ولا يحللن لك إلا بنسخ أحدهما صاحبه ، وعلى أن يكون وقت فرض إحدى الآيتين قبل الأخرى منهما ، فإن كان ذلك كذلك ، ولا دلالة ولا برهان على نسخ حكم إحدى الآيتين حكم الأخرى ، ولا تقدم تنزيل إحداهما قبل صاحبتها ، وكان غير مستحيل مخرجهما على الصحة ، لم يجز أن يقال : إحداهما ناسخة للأخرى. اه.
وأورد مكي بن أبي طالب إحكام الآية بأدلته عن ابن عباس وسهل وقتادة والحسن وابن سيرين. ـ