وروى مقسم عن ابن عباس قال : «كان الذي أسر العباس أبا اليسر كعب بن عمرو أخا بني سلمة ، وكان أبو اليسر رجلا مجموعا ، وكان العباس رجلا جسيما ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : كيف أسرت العباس يا أبا اليسر؟ فقال : يا رسول الله أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ذلك ولا بعده هيئته كذا وكذا. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : لقد أعانك عليه ملك كريم» (١).
قوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ) أي : ذلك الضرب بأنهم حاربوا الله ورسوله ، (وَمَنْ يُشاقِقِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ).
قال الزجاج (٢) : يشاقّ ويشاقق جميعا ، إلا أنها هاهنا بإظهار التضعيف مع الجزم لغة أهل الحجاز ، وغيرهم يدغم ، فإذا أدغمت قلت : من يشاقّ زيدا أهنه ، بفتح القاف ، لأن القافين [ساكنتان](٣) فحركت الثانية بالفتح لالتقاء الساكنين ، ولأن قبلها ألفا. وإن شئت كسرت قلت : ومن يشاقّ زيدا ، كسرت القاف ؛ لأن أصل التقاء الساكنين الكسر ، فإذا استقبلتها ألف ولام اخترت الكسر ، فقلت : ومن يشاقّ الله ، ويجوز : ومن يشاقّ الله ، ولا أعلم أحدا قرأ بها.
قوله تعالى : (ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ)" ذلكم" في محل الرفع ، على معنى : ذلكم العقاب ، أو العقاب ذلكم ، أو في محل نصب ، كقولك : زيدا فاضربه (٤).
__________________
(١) أخرجه أحمد (١ / ٣٥٣ ح ٣٣١٠) ، والطبري (٤ / ٧٨). وذكره الهيثمي في مجمعه (٦ / ٨٥) وعزاه لأحمد.
(٢) معاني الزجاج (٢ / ٤٠٥).
(٣) في الأصل : ساكنان. والتصويب من معاني الزجاج ، الموضع السابق.
(٤) انظر : التبيان (٢ / ٥) ، والدر المصون (٣ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦).