(وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ) في فتح" أنّ" وجهان ، أحدهما : الرفع ، على معنى : ذلكم فذوقوه وذلكم أن للكافرين عذاب النار. والآخر : النصب ؛ إما بفعل مضمر تقديره : واعلموا أن للكافرين. وإما أن يكون التقدير : وبأن للكافرين ، فلما حذفت الياء انتصب ، وإما أن تكون الواو بمعنى : مع ، تقديره : ذوقوا هذا العذاب العاجل ، مع أن لكم في الآجل عذاب النار. فوضع الظاهر موضع المضمر (١).
وقرأ الحسن البصري : " وإنّ" بالكسر على الاستئناف (٢).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ (١٥) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(١٦)
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً) أي : متزاحفين ، فهو نصب على الحال ، إما من (الَّذِينَ كَفَرُوا) أو من الفئتين (٣) ، أي : لقيتموهم متزاحفين أنتم وهم.
والزحف : الجيش الذي يبين لكثرته كأنه يدب ويزحف قليلا قليلا ، سمي بالمصدر ، والجمع : زحوف.
__________________
(١) انظر : الدر المصون (٣ / ٤٠٦).
(٢) انظر هذه القراءة في : البحر المحيط (٤ / ٤٦٧).
(٣) انظر : التبيان (٢ / ٥) ، والدر المصون (٣ / ٤٠٧).