فإن قيل : فهل يجوز العطف على «أصبناهم» إذا جعلته في تأويل : نصيبهم؟
قلت : نعم ؛ لصحة المعنى وانتظامه ، لا سيما ومعنى الاستقبال في الماضي هاهنا واضح ، ونظيره قوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ) [الفرقان : ١٠] ، ثم عطف عليه : (وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً)(١) [الفرقان : ١٠] ، وأنشد من ذلك قول الشاعر :
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا |
|
عني وما سمعوا من صالح دفنوا (٢) |
أي : يدفنوا.
(فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) نفي السماع عنهم هاهنا في معنى إثبات الصمم لهم في قوله : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) [البقرة : ١٨] وقد سبق تأويله.
وقيل : المعنى فهم لا يقبلون ، كقوله : «سمع الله لمن حمده» ، وقد سبق تقديره فيما مضى.
(تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ (١٠١) وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ)(١٠٢)
__________________
(١) انظر : الدر المصون (٣ / ٣١٠).
(٢) البيت لقعنب بن أم صاحب. وهو في : المثل السائر (١ / ١١٧) ، وديوان الحماسة (٢ / ١٨٧) ، وروضة العقلاء (ص : ١٧٣) ، وزاد المسير (٣ / ٢٣٥ ، ٦ / ٤٧٦) ، وروح المعاني (١٠ / ١٢٦) ، واللسان ، مادة : (شور ، أذن) ، وتاج العروس (مادة : أذن).