(أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ)(١٠٠)
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَهْدِ) أي : يتّضح ويتبين ، ولذلك عدّي باللام ، (لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها) وهم كفار مكة ومن حولها الذين استخلفوا في أثر من كان قبلهم.
وقوله : (أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ) في موضع رفع بإسناد «يهد» إليه ، المعنى : أو لم يتبينوا أنا لو شئنا أصبناهم بذنوبهم وكفرهم ، فأهلكناهم كما أهلكنا من كان قبلهم بذنوبهم وكفرهم.
وقال الزجاج (١) : المعنى : أو لم يبيّن الله لهم أنه لو يشاء.
وقرأت ليعقوب الحضرمي : «أو لم نهد» بالنون (٢) ، على معنى : أو لم نبين لهم.
قوله تعالى : (وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ) معطوف على (يَرِثُونَ الْأَرْضَ) ، أو على ما دلّ عليه معنى : (أَوَلَمْ يَهْدِ)(٣) ، تقديره : يغفلون عن الهداية ، ونطبع على قلوبهم ، أو هو منقطع ، على معنى : ونحن نطبع.
فإن قيل : هل يجوز أن يكون معطوفا على" أصبناهم" ، على معنى : وطبعنا؟
قلت : لا يساعد عليه المعنى ؛ لأنهم كانوا مطبوعا على قلوبهم من قبل ، وهذا التفسير يقتضي خلوّهم عن هذه الصفة.
__________________
(١) معاني الزجاج (٢ / ٣٦١).
(٢) انظر هذه القراءة في : زاد المسير (٣ / ٢٣٥).
(٣) انظر : الدر المصون (٣ / ٣١٠).