قوله تعالى : (تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها) قال الزمخشري (١) : هو كقوله : (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) [هود : ٧٢] في أنه مبتدأ وخبر وحال. ويجوز أن يكون «القرى» صفة [ل «تلك»](٢) ، و «نقصّ» خبرا ، وأن يكون (الْقُرى نَقُصُّ) خبرا بعد خبر (٣).
فإن قلت : ما معنى" تلك القرى" حتى تكون كلاما مفيدا؟
قلت : هو كلام مفيد ، لكن بشرط التقييد بالحال ، كما يفيد بشرط التقييد بالصفة في قولك : هو الرجل الكريم.
فإن قلت : ما معنى الإخبار عن القرى ب «نقص عليك»؟
قلت : معناه : أن تلك القرى المذكورة نقصّ عليك بعض أنبائها ، ولها أنباء غيرها لم نقصّها عليك.
(وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) وهي الدلائل والبراهين ، (فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) عند مجيء الرسل إليهم ، وظهور البينات والمعجزات ، (بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ) ذلك.
وقيل : المراد بالقبليّة : ما سبق في العلم والمشيئة. وهو قول أبي بن كعب (٤).
وقيل : المعنى : ما كان الخلف ليؤمنوا بما كذب به السلف من قبل.
__________________
(١) الكشاف (٢ / ١٢٧ ـ ١٢٨).
(٢) في الأصل : لذلك. والتصويب من الكشاف (٢ / ١٢٧).
(٣) انظر : الدر المصون (٣ / ٣١٢).
(٤) أخرجه الطبري (٩ / ١١) ، وابن أبي حاتم (٥ / ١٥٣٠). وذكره السيوطي في الدر (٣ / ٥٠٧) وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.