غنينا زمانا بالتّصعلك والغنى |
|
فكلّا سقاناه بكأسيهما الدّهر |
فما زادنا بغيا على ذي قرابة |
|
غنانا ولا أزرى بأحسابنا الفقر |
قال : معنى غنينا : عشنا زمانا بالتصعلك ، وهو الفقر ، والعرب تقول للفقير : صعلوك.
ثم استأنف الله تعالى ذكر شعيب وكرره ، ولم يكنّ عنه مبالغة في تفخيمه وتعظيمه وتضليل مكذّبيه فقال : (الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كانُوا هُمُ الْخاسِرِينَ) أي : المخصوصين بالخسران العظيم.
قوله تعالى : (فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ) الأسى : شدة الحزن (١).
قال العجّاج :
وانحلبت عيناه من فرط الأسى (٢)
قال الزجاج (٣) : نقول : أسيت على الشيء آسى أسى ؛ إذا اشتد حزنك عليه.
قال ابن إسحاق : أصاب شعيبا على قومه حزن شديد ، ثم عاتب نفسه فقال : (فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ)(٤). فيكون منكرا على نفسه فرط حزنه على قومه.
ويجوز أن يكون قوله : " فكيف آسى" خارجا مخرج الاعتداد ، كأن قائلا قال له : أحزنت على قومك ، أو هلا حزنت على قومك ، فقال معتذرا : فكيف آسى على
__________________
(١) انظر : اللسان (مادة : أسا).
(٢) الرجز للعجاج ، وقبله : (يا صاح هل تعرف رسما مكرسا* قال نعم أعرفه وأبلسا)
انظر : اللسان وتاج العروس (مادة : حلب ، كرس).
(٣) معاني الزجاج (٢ / ٣٥٩). وانظر : مجاز القرآن (١ / ٢٢٢).
(٤) أخرجه الطبري (٩ / ٦). وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٣ / ٢٣٣).