(لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي الْبِلاَدِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (١٩٧) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ) (١٩٨)
قوله : (لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ) كان اليهود يضربون في الأرض ، ويكتسبون الأموال ، والمشركون في خفض ودعة (١) ، والمسلمون في جهد شديد ، فقال قائل من المؤمنين : أعداء الله فيما نرى من الخير ، ونحن في الجهد ، فأنزل الله هذه الآية (٢).
والمعنى : لا يغرّنك أيها القائل ، أو السامع. أو هو خطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، والمراد : أتباعه ؛ لأن خطاب مقدم القوم ، ولسانهم بشيء يقوم مقام خطابهم جميعا.
فكأنه قيل : لا يغرّنكم ، وهو بمعنى التثبيت له ، والتأديب لغيره.
وهذا في النهي نظير قوله في الأمر : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة : ٦].
(تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ) أي : ضربهم فيها ، وتقلبهم في نعم الله.
(مَتاعٌ قَلِيلٌ) أي : تقلبهم متاع قليل ، ثم ينقطع ، (ثُمَ) من بعد ذلك ، (مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ).
قوله تعالى : (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ) وقرأت على شيخنا أبي البقاء اللغوي
__________________
(١) الخفض : الدّعة ولين العيش وسعته. يقال : عيش خافض وخفض ومخفوض وخفيض : أي خصيب (اللسان ، مادة : خفض).
(٢) ذكره الثعلبي (٣ / ٢٣٦) ، والواحدي في أسباب النزول (ص : ١٤٣) ، وابن الجوزي في زاد المسير (١ / ٥٣١).