فصل
اختلف القراء في الهاء المتصلة بالفعل المجزوم ، فقرأ أبو بكر (١) وأبو عمرو وحمزة (٢) : «يؤدّه» ، و «لا يؤدّه» ، و (نُؤْتِهِ مِنْها) (٣) في موضعين في هذه السورة. وفي النساء : «نولّه» ، (وَنُصْلِهِ) (٤) ، وفي الشورى : (نُؤْتِهِ مِنْها) (٥) بإسكان الهاء في السبعة (٦) ، وقرأ ذلك قالون بكسر الهاء من غير ياء. وقرأ الباقون بصلة الهاء بياء في الوصل.
وحجّة من قرأ بالإسكان : أن هذه الأفعال قد حذفت الياء التي قبل الهاء فيها
__________________
(١) شعبة بن عياش الكوفي ، أبو بكر ، الإمام ، أحد رواة الإمام عاصم. توفي سنة ثلاث وسبعين ومائة (طبقات القراء لابن الجزري ١ / ٣٢٥ ، وميزان الاعتدال ٧ / ٣٣٧ ـ ٣٤٠).
(٢) حمزة بن حبيب الزيات ، أبو عمارة الكوفي ، أحد القراء السبعة ، توفى سنة ست وخمسين ومائة (طبقات القراء لابن الجزري ١ / ٢٦١ ، والجرح والتعديل ٣ / ٢٠٩).
(٣) الآية : ١٤٥.
(٤) الآية : ١١٥.
(٥) الآية : ٢٠.
(٦) وقد طعن الزجاج في هذه القراءة فقال : هاء الإسكان الذي روي عن هؤلاء غلط بيّن ؛ لأن الهاء لا ينبغي أن تجزم ولا تسكّن في الوصل ، إنما تسكّن في الوقف. وأما أبو عمرو فأراه كان يختلس الكسرة فغلط عليه كما غلط عليه في (بارِئِكُمْ) [البقرة : ٥٤] (انظر : معاني الزجاج ١ / ٤٣٢).
وقال السمين الحلبي في الدر المصون (٢ / ١٤١) : وهذا الردّ من الزجاج ليس بشيء ؛ لوجوه ، منها : أنه فرّ من السكون إلى الاختلاس ، والذي نصّ على أن السكون لا يجوز نصّ على أن الاختلاس أيضا لا يجوز ، بل جعل الإسكان في الضرورة أحسن منه في الاختلاس.
ومنها : أن هذه لغة ثابتة عند العرب حفظها الأئمة الأعلام ؛ كالكسائي والفراء ، فيسكّنون الهاء كما يسكّنون ميم (أنتم) و (فمنهم) وأصلها الرفع.