النجاشي ، وكان من حديثهم ما رواه أبو صالح (١) عن ابن عباس ، وعبد الرحمن بن غنم (٢) عن أصحاب رسول الله ، ويونس بن بكير (٣) عن محمد بن إسحاق رفعه ، دخل حديث بعضهم في بعض ، قالوا : لما هاجر جعفر بن أبي طالب وأصحابه إلى الحبشة ، واستقرت بهم الدار ، وهاجر رسول الله إلى المدينة ، وكان من أمر بدر ما كان ، اجتمعت قريش في دار الندوة ، وقالوا : إنّ لنا في الذين عند النجاشي من أصحاب محمد ثأرا ممن قتل منكم ببدر ، فاجمعوا مالا وأهدوه للنجاشي لعله يدفع إليكم من عنده من قومكم ، ولينتدب (٤) لذلك رجلان من ذوي آرائكم ، فبعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن أبي معيط معهم الهدايا والأدم (٥) وغيره ، فركبا البحر وأتيا النجاشي ، فلما دخلا على النجاشي سجدا له وسلّما عليه ، وقالا له : إنّ قومنا لك ناصحون وشاكرون ، ولصلاحك محبّون ، وإنهم بعثونا إليك لنحذرك من هؤلاء القوم الذين قدموا عليك ؛ لأنهم قوم رجل كذّاب ، خرج فينا يزعم أنه رسول الله ، ولم يتابعه أحد منّا إلا السفهاء ، وإنّا كنا قد ضيّقنا عليهم الأمر وألجأناهم إلى شعب بأرضنا ، لا يدخل عليهم أحد ، ولا يخرج منهم أحد ، فلمّا
__________________
(١) أبو صالح هو مولى أم هانئ (التقريب ص : ١٢٠).
(٢) عبد الرحمن بن غنم ـ بفتح المعجمة وسكون النون ـ الأشعري ، شيخ أهل فلسطين وفقيه الشام.
وكان مولده في حياة النبي صلىاللهعليهوسلم. توفي سنة ثمان وسبعين (تذكرة الحفاظ ١ / ٥١).
(٣) يونس بن بكير بن واصل الشيباني ، أبو بكر الجمّال ، الكوفي ، المحدّث ، صاحب المغازي. توفي سنة تسع وتسعين ومائة (تهذيب الكمال ٣٢ / ٤٩٧).
(٤) ندب القوم إلى الأمر يندبهم ندبا : دعاهم وحثّهم (اللسان ، مادة : ندب).
(٥) الإدم بالكسر والأدم بالضم : ما يؤكل مع الخبز أيّ شيء كان (النهاية في غريب الحديث ، مادة : أدم).