فالمعنى : هلموا إلى كلمة عادلة ، مستوية بيننا وبينكم ، لا تختلف فيها التوراة والإنجيل والقرآن.
وقرأ الحسن البصري : «سواء» ، بالنصب ، على معنى : استوت سواء (١).
«ألا نعبد» بدل من «كلمة» ، أو في موضع رفع ، على معنى : هي (٢).
(أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ ... وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) كما اتخذتم عيسى وعزيرا ، وهم بشر مثلنا ، أو لا نطيع الأحبار في ما حرّموا وحلّلوا من غير شريعة ، كما قال : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) [التوبة : ٣١].
(فَإِنْ تَوَلَّوْا) أعرضوا عن التوحيد ، وعن ما أتيتم به من الهدى والبيان (فَقُولُوا) على وجه التضليل لآرائهم ، والتقريع لهم : (اشْهَدُوا) اعلموا ، وأعلموا من وراءكم ، (بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) مستسلمون منقادون للحق ، إذ تعاصيتم عليه ، ونكصتم عنه. وبهذه الآية العظيمة دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قيصر ملك الروم إلى الإسلام حين كتب إليه يقول : «من محمّد رسول الله إلى قيصر عظيم الرّوم : سلام على من اتّبع الهدى ، أمّا بعد : فإنّي أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم ، يؤتك الله أجرك مرّتين ، فإن تولّيت فإنّ عليك إثم الأريسيّين (٣) ، و (يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)» (٤).
__________________
(١) انظر : البحر المحيط (٢ / ٥٠٦).
(٢) انظر : التبيان (١ / ١٣٨) ، والدر المصون (٢ / ١٢٥).
(٣) المراد بهم : الخدم والخول ، يعني : بصده لهم عن الدين (تاج العروس ، مادة : أرس).
(٤) أخرجه البخاري (١ / ٩ ح ٧) ، ومسلم (٣ / ١٣٩٦ ح ١٧٧٣).