ـ وأخرج أحمد
وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال : لمّا نزلت : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «نعيت إليّ نفسي ، إنّي مقبوض في تلك السنة».
ـ ونقل ذلك عن
الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، وتداول ذلك التابعون من بعدهم ونقل ذلك
عنهم ، ولم يزل متناقلا بين الصّدر الأول والسلف حتى صارت المعارف علوما ، ودوّنت
الكتب ، فكتب الكثير من ذلك ، ونقلت الآثار الواردة فيه عن الصحابة والتابعين ،
وانتهى ذلك إلى الطبريّ والواقديّ والثعالبيّ وأمثال ذلك من المفسرين ، فكتبوا فيه
ما شاء الله أن يكتبوه من الآثار.
ثمّ صارت علوم
اللسان صناعية من الكلام في موضوعات اللغة ، وأحكام الإعراب ، والبلاغة في
التراكيب ، فوضعت الدواوين في ذلك بعد أن كانت ملكات للعرب ، لا يرجع فيها إلى نقل
ولا كتاب ، فتنوسي ذلك وصارت تتلقى من كتب أهل اللسان ، فاحتيج إلى ذلك في تفسير
القرآن ؛ لأنّه بلسان العرب ، وعلى منهاج بلاغتهم ، وصار التفسير على صنفين :
١ ـ تفسير
نقليّ مستند إلى الآثار المنقولة عن السلف ، وهي معرفة النّاسخ والمنسوخ ، وأسباب
النزول ، ومقاصد الآي. وكلّ ذلك لا يعرف إلا بالنقل عن الصحابة والتابعين.
٢ ـ والصنف
الآخر من التفسير وهو ما يرجع إلى اللسان ، من معرفة اللغة والإعراب والبلاغة في
تأدية المعنى بحسب المقاصد والأساليب.
وهذا الصنف من
التفسير قلّ أن ينفرد عن الأول ، إذ الأول هو المقصود بالذات ، وإنّما جاء هذا بعد
أن صار اللسان وعلومه صناعة.
__________________