ويظهر أن
الثوري كان قاصدا لذلك ، فإنّه لم يكن يعجبه أن تفسّر السورة من أوّلها إلى آخرها .
ينتج عن هذا
أنّ تناول يحيى بن سلّام لجميع آيات السورة بالتفسير يعتبر أمرا جديدا ، قد يكون
ابن سلّام أوّل من قام به أو يكون من الأوائل الذين سنّوا هذه الطريقة في
التّفسير.
أما المنهج ،
فإن ابن سلّام وإن لم يكن يختلف فيه عن السابقين ، فهو يعتمد مثلهم الرواية
بأسانيدها ، واللغة ، وعلوم القرآن ، لكنه أدخل عناصر جديدة لم نرها معتبرة لديهم
يمكن أن نبرز منها ما يلي :
١ ـ تعديد
الروايات في شرح الآية الواحدة. فهو في تفسير قوله تعالى : (أَهْلَ الذِّكْرِ) مثلا يستعرض تفسير الحسن ، وتفسير قتادة ، وتفسير
السّدّي.
وفي تفسير قوله
تعالى : (أَضْغاثُ أَحْلامٍ) ذكر تفسيره ثم تفسيرا لمجهول ، ثم تفسير قتادة ثم تفسير
ابن مجاهد عن أبيه.
٢ ـ التوسّع في
التفسير بذكر حكم شرعيّ ، أو رفع إبهام ، أو سرد أحداث قصّة ، أو استعراض أحداث
موقف يزيد الآية بيانا.
٣ ـ الاهتمام
بالإعراب وتعليله وكذلك بالتعليل في القراءات المختلفة.
٤ ـ الاهتمام
ببيان نظم الآية وأثر ذلك في المعنى.
٥ ـ النقد
والترجيح بين الأخبار التي تقدمها الرواية باستعمال عبارات دالة على ذلك كقوله :
وبه يأخذ يحيى ، أو قوله : وهو أعجب إليّ ، أو قوله : لا يأخذ به يحيى.
إنّ المنهج
الذي اتبعه ابن سلّام في تفسيره يبيّن النّقلة النوعية التي حصلت في التفسير عموما
لذلك لا يمكن تصنيف كتابه بين التفاسير التي ظهرت قبله ، فهو يمثّل مرحلة تلت تلك
التي توفّرت في مثل تفسير مجاهد ، ومهّدت لظهور مرحلة ثالثة تجسّمت بتميّز في تفسير
الطبري.
والذي يمكن
تأكيده هو أن الطبري قد اطّلع على تفسير ابن سلّام ، وقد يكون
__________________