الحديث الذي سألتم عنه (اللهُ أَحَدٌ) ف (هُوَ) مبتدأ و (اللهُ) مبتدأ ثاني و (أَحَدٌ) خبر المبتدأ الثاني ، والجملة خبر عن الأول ، هذا مذهب البصريين (١).
وقال الكسائي : (هُوَ) عماد حكى ذلك الفراء وخطأه فيه ؛ لأنه ليس قبله ما يعتمد عليه ، وهو كما قال ؛ لأن العماد إنما يكون بين معرفتين لا تستغني إحداهما عن الأخرى ، أو بين معرفة ونكرة تقارب المعرفة ، وذلك في باب الابتداء ، وباب كان ، وباب (إنّ) ، وباب الظن.
وقوله : (اللهُ الصَّمَدُ اللهُ) مبتدأ ، و (الصَّمَدُ) خبره ، ويجوز أن يكون (الصَّمَدُ) نعتا لله تعالى ، و (اللهُ) خبر مبتدأ محذوف ، أي : هو الله الصمد (٢) ، وقيل : (اللهُ) بدل (٣) من (أَحَدٌ) كأنه في التقدير : قل هو الله الصمد.
واختلف في (الصَّمَدُ) :
فقيل : هو السيد (٤) ، وأنشد اللغويون :
ألا بكر النّاعي بخير بني أسد |
|
بعمرو بن مسعود وبالسّيد الصّمد (٥) |
وقيل : (الصَّمَدُ) الذي لا جوف له : (الصَّمَدُ) الفرد ، وقيل (الصَّمَدُ) الذي لا يطعم ، وقيل (الصَّمَدُ) الذي لا كفء له (٦).
والأصل في : (أَحَدٌ) وحد ، فأبدلوا من (الواو) (همزة) كما قالوا : امرأة أناة (٧) ، والأصل وناة ، وقيل : أحد بمعنى أول (٨) ، ولا بدل في الكلام ، ومنه يقال : يوم الأحد.
وقرأ أبو عمرو أَحَد اللهُ الصَّمَدُ بغير تنوين (٩) ، حذفه لالتقاء الساكنين (١٠) ، رواه
__________________
(١) إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٧٨٨.
(٢) معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٢٩١ ، إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٧٨٧.
(٣) إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٧٨٨.
(٤) العين : ٧ / ١٠٣ (صمد) ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٢٩١.
(٥) قائله : سيرة بن عمرو الأسدي كما الصحاح : ٢ / ٦٥٢ (خير) ، وهو من شواهد أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٣١٦ ، والطبري في جامع البيان : ٣٠ / ٤٥١ ، والزجاج في معاني القرآن : ٥ / ٢٩٢.
(٦) تفسير ابن عباس : ٥٤٣ ، واللسان : ٣ / ٧٩٠ (صمد).
(٧) مجاز القرآن : ٢ / ٣١٦ ، الأصول : ١ / ٨٥ ، إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٧٩٠.
(٨) إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٧٩٠.
(٩) السبعة : ٧٠١.
(١٠) الكتاب : ٢ / ٢٨٥ ، معاني القرآن للفراء : ٣ / ٣٠٠.