وقوله : (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ) يجوز في (ما) وجهان :
أحدهما : أن تكون نافية ، والمعنى : ما أغنى عنه ماله.
والثاني : أن تكون استفهاما ، وموضعها نصب ، والتّقدير : أي شيء أغنى عنه ماله (١).
قوله تعالى : (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ) [المسد : ٣] ، [١٢٢ / ظ].
جاء في التفسير : أنّ (أمّ جميل) (٢) حمّالة الحطب ، كانت تحمل الشوك وتلقيه في طريق النبي صلىاللهعليهوسلم ، وقيل : حمّالة الحطب (نمّامة) ، والأول قول ابن عباس والضّحّاك وابن زيد ، والثاني قول عكرمة ومجاهد وقتادة (٣). والجيد : العنق (٤) ، والمسد : الليف (٥).
قال الفراء (٦) : يرتفع (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) من جهتين :
أي : يصلى وامرأته نار جهنم ، و (حَمَّالَةَ) صفة لها هذا وجه.
والوجه الآخر : يقول : ما أغنى عنه ماله وامرأته في النّار ، فيكون (فِي جِيدِها) الرافع بها يعني : أن (امْرَأَتُهُ) مبتدأ ، و (فِي جِيدِها) الخبر ، وإن شئت جعلت (حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) رافعة لها ، أي : خبرا ، كأنك قلت : ما أغنى ماله وامرأته هكذا.
ومن نصب (حَمَّالَةَ) فعلى القطع ؛ لأنها نكرة ؛ لأن الانفصال مقدر فيها ، أو على الشّتم والذّم والوجه الأول لا يجوز عند البصريين (٧).
ومن سورة الإخلاص
قوله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) اللهُ الصَّمَدُ) [الإخلاص : ١ ـ ٢].
قال الفراء (٨) : سأل الكفّار النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : ما ربّك؟ أمن ذهب أم من فضة؟ أيأكل أم يشرب؟ فأنزل الله تعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) اللهُ الصَّمَدُ ،) والتّقدير على هذا : قل
__________________
(١) ذكر الوجهين النحاس في إعرابه : ٣ / ٧٨٥ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٨٥١.
(٢) هي فاختة بنت حرب بن أمية ، ينظر ترجمتها في : طبقات خليفة : ٧٦.
(٣) تفسير مجاهد : ٢ / ٧٩٣ ، وجامع البيان : ٣٠ / ٤٤٢.
(٤) معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٢٨٩ ، وتاج العروس : ٧ / ٢٨.
(٥) العين : ٧ / ٢٣٥ (مسد) ، ومعالم التنزيل : ٨ / ٥٨٣.
(٦) في معانيه : ٣ / ٢٩٨.
(٧) ينظر : الكتاب : ١ / ٢٥٢ ، معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٢٨٩ ، إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٧٨٥.
(٨) في معانيه : ٣ / ٢٩٩ ، وينظر أسباب نزول الآيات : ١٨٣.