وأجاز الفراء (١) : الجر في (الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) على البدل من (ما ،) وفي القراءة الأولى يكون (الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) نصبا ب : (خَلَقَ ،) والفاعل مضمر ، أي : خلق هو ، وإن شئت جعلت (ما) مصدرية ، والتّقدير : وخلقه الذكر والأنثى (٢).
قوله تعالى : (وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى) [الليل : ١٩ ـ ٢٠]
يسأل عن نصب (ابْتِغاءَ؟)
الجواب : أنه استثناء منقطع ، والمعنى : لكن ابتغاء وجه ربك (٣) ، قال الفراء (٤) : نصب الابتغاء في جهتين :
إحداهما : أن تجعل فيها نية إنفاقه.
والأخرى : على اختلاف ما قبل (إِلَّا) وما بعدها ، والمعنى : ما ينفق إلا ابتغاء وجه ربه ، قال : والعرب تقول : ما في الدار أحد إلا كلبا ، وهذا هو الاستثناء المنقطع ، قال : وهذا مذهب أهل الحجاز فأمّا بنو تميم فإنهم يجعلون الثاني بدلا من الأول ، وأنشد :
وبلدة ليس بها أنيس |
|
إلّا اليعافير وإلا العيس (٥) |
قال (٦) : ولو رفع رافع (ابْتِغاءَ) لم يكن خطأ ؛ لأنّك لو ألقيت (مِنْ) من (نِعْمَةٍ) لصار : وما لأحد عنده نعمة إلا ابتغاء ، فهذا يكون على البدل ، كما تقول : ما أتاني من أحد إلّا أبوك.
ومن سورة الضّحى
قوله تعالى : (وَالضُّحى (١) وَاللَّيْلِ إِذا سَجى (٢) ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) [الضحى : ١ ـ ٣].
__________________
(١) في معانيه : ٣ / ٢٧٠.
(٢) قال بهذا مكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٨٢٢.
(٣) مجاز القرآن : ٢ / ٣٠١ ، إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٧٢٠ ، مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٨٢٣.
(٤) في معانيه : ٣ / ٢٧٣.
(٥) استشهد به الفراء في معانيه : ٣ / ٢٧٣ ، والنحاس في إعرابه : ٣ / ٧٢١.
(٦) القول للفراء في معانيه : ٢ / ٢٧٠.