قال ابن سيرين وعبد الرحمن بن زيد : اغسلها بالماء ، وقيل : لا تلبسها على معصية (١) ، وقيل : قصّرها ولا تطلها ، فإن ذلك يكون سببا لطهارتها ، وقيل : (ثِيابَكَ فَطَهِّرْ ،) أي :
لا تغدر فتدنس ثيابك ، فإن الغادر دنس الثياب ، وقيل : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) يقول :
وعملك فأصلح ، وهذه الأقوال الثلاثة عن الفراء (٢) ، وقيل : المعنى : قلبك فطهر ، وكنى بالثياب عن القلب واستشهدوا بقول امرئ القيس :
وإن تك قد ساءتك منّي خليقة |
|
فسلّي ثيابي من ثيابك تنسل (٣) |
أي : قلبي من قلبك. [١٠٨ / ظ]
قوله تعالى : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) [المدثر : ٦].
قال الفراء (٤) : المعنى : لا تعط في الدنيا شيئا ليصب أكثر منه.
ورفع (تَسْتَكْثِرُ ؛) لأنه في موضع الحال ، والمعنى : لا تمنن مستكثرا (٥).
وقرأ عبد الله بن مسعود : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)(٦) ، فهذا شاهد على الرّفع ؛ لأن (أن) إذا حذفت رفع الفعل (٧) ، ومنه قول طرفة :
ألا أيهذا الزّاجري أحضر الوغي |
|
وأن أشهد اللّذّات هل أنت مخلدي (٨) |
قوله تعالى : (كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً (١٦) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (١٧) إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (١٨) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (١٩) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) [المدثر : ١٦ ـ ٢٠].
(كَلَّا) زجر وردع (٩) ، والمعنى : ليرتدع ولينزجر عن هذا ، كما أن (صّه) بمعنى :
اسكت ، و (مه) بمعنى : أكفف ، وكأنه قيل : لينزجر فإن الأمر ليس على ما توهم (١٠).
__________________
(١) جامع البيان : ٢٩ / ١٨١.
(٢) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٠٠.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٢٠١.
(٥) معاني القرآن للأخفش : ٢ / ٥١٥ ، ومعاني القرآن وإعرابه : ٥ / ١٩١ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٧١.
(٦) روى الفراء هذه القراءة عنه في معاني القرآن : ٣ / ٢٠١.
(٧) نبه لهذا النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٥٤١.
(٨) سبق تخريجه.
(٩) حروف المعاني للزجاجي : ١١.
(١٠) ينظر بحر العلوم : ٣ / ٤٢١.