قوله تعالى : (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً) [المزمل : ١١].
قوله : (وَالْمُكَذِّبِينَ) مفعول معه ، أي : مع المكذبين ، كما تقول : تركته والأسد ، أي : مع الأسد (١) ، والمعنى : أرضى بعتاب المكذبين ، أي : لست تحتاج إلى أكثر من ذلك ، كما تقول : دعني وإياه فإنه يكفيك ما ينزل به مني ، وهو تهديد (٢).
قوله تعالى : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى) [المزمل : ٢٠].
(إِنَ) هاهنا مخففة من المثقّلة ، و (الهاء) مضمرة معها ، والتقدير : أنّه سيكون منكم مرضى (٣) ، و (مَرْضى) اسم (يكون) و (مِنْكُمْ) الخبر ، والجملة خبر (إِنَ)(٤) ، ولا يلي الفعل (أن) المخففة إلا مع العوض ، والعوض نحو : السين هاهنا ، ونحو (لا) (٥) من قوله : (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً) [طه : ٨٩].
قوله تعالى : (وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) [المزمل : ٢٠].
(هُوَ) : فصل ، وهو الذي يسميه الكوفيون عمادا (٦) ونصب (خَيْراً ؛) لأنّه مفعول ثان ل (تَجِدُوهُ)(٧) ، والفصل يدخل بين كل معرفتين لا يستغني أحدهما عن الآخر ، أو بين معرفة ونكرة تقارب المعرفة ، نحو قولك : زيد هو خير منك ، وكان عمرو هو أفضل من بكر ، والمواضع التي يدخل فيها الفصل أربعة :
يدخل بين المبتدأ والخبر ، وبين اسم كان وخبرها ، وبين اسم (إنّ) وخبرها ، وبين مفعولي الظن (٨).
ومن سورة المدّثر
قوله تعالى : (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) [المدثر : ٤].
__________________
(١) أجاز هذا النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٥٣٣ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٦٨.
(٢) معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ١٨٨.
(٣) مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٧٠ ، وكشف المشكل : ٢ / ٣٩١.
(٤) المصدر نفسه : ٢ / ٧٧٠.
(٥) المقتضب : ٢ / ٣٢ ، والأصول : ١ / ٢٣٩ ، والجنى الداني : ٢٣٧ ، وهمع الهوامع : ٢ / ١٨٤.
(٦) الكتاب : ١ / ٣٩٥ ، ومعاني القرآن للفراء : ٢ / ١١٣ ، ومعاني القرآن للأخفش : ٢ / ٣٢٢.
(٧) معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ١٩٠ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٧٠ ، وكشف المشكل : ٢ / ٣٩١ ـ ٣٩٢.
(٨) ينظر الكتاب : ١ / ٣٩٥ ، ومعاني القرآن للأخفش : ٢ / ٥١٤.