والعنيد والمعاند سواء ، وهو الذّاهب عن الشّيء على طريق العداوة له (١) ، والإرهاق : الإعجاب بالعنف (٢) ، والصّعود : العقبة الصّعبة المرتقى ، وهو الكؤود أيضا (٣) ، والتّفكير : من الفكرة ، وهو تطلب الرّأي والتّقدير والتّخمين (٤). وهذه الآية نزلت في (الوليد بن المغيرة).
حدثني أبي عن عمه قال : حدثنا القاضي منذر بن سعيد قال : حدثنا أبو النّجم عصام ابن منصور قال : حدثنا أبو بكر عبد الله بن عبد الرحيم البرقي قال : حدثنا أبو محمد عبد الملك ابن هشام قال : حدثنا زياد بن عبد الله البكائي عن محمد بن إسحاق المطلبي قال : اجتمع نفر من قريش إلى الوليد بن المغيرة ، وكان ذا سن فيهم ، وكان أيام الموسم ، فقال لهم :
يا معشر قريش أنّه قد حضر هذا الموسم وإنّ وفود العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فاجمعوا فيه رأيا واحدا ولا [١٠٩ / و] تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا ، ويرد قولكم بعضه بعضا ، قالوا : فأنت يا أبا عبد شمس أقم لنا رأيا نقول به ، قال : بل أنتم فقولوا أسمع ، قالوا : نقول (كاهن) ، قال : لا والله ما هو بكاهن ، قد رأينا الكهان ، فما هو بزمزمة الكاهن ولا مسجعه ، قالوا : فنقول : (أنّه مجنون) ، قال : لا والله ما هو بمجنون ، لقد رأينا الجنون وعرفناه ، فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته ، قالوا : فنقول (شاعر) ، قال : لا والله ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله ، رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بالشعر ، قالوا : فنقول (ساحر) ، قال : ما هو بساحر ، قد رأينا السّحار وسحرهم ، فما هو بنفثه ولا عقده ، قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس؟ قال : والله إنّ لقوله لحلاوة وإنّ أصله لعذق وإنّ فرعه لجناة ، وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا عرف أنه باطل ، وإنّ أقرب القول منه أن تقولوا : ساحر جاء بقول هو سحر يفرق بين المرء وابنه ، وبين المرء وأخيه ، وبين المرء وزوجته ، وبين المرء وعشيرته ، فتفرقوا عنه بذلك ، فجعلوا يجلسون بسبيل الناس حين قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلا ذكروا له أمره ، فأنزل الله في الوليد فيما كان منه : (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (١١) وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً (١٢) وَبَنِينَ
__________________
(١) ينظر مجاز القرآن : ٢ / ٢٧٥.
(٢) ينظر العين : ٣ / ٣٦٦ (رهق).
(٣) ينظر المصدر نفسه : ١ / ٢٨٩ (صعد).
(٤) ينظر اللسان : ٥ / ٦٥ (فكر).