وقرأ الكسائي وعاصم في طريقة أبي بكر (ن وَالْقَلَمِ) بالإخفاء ، وقرأ الباقون بالإظهار (١) ، وقال الفراء : وإظهارها أعجب إليّ ؛ لأنها هجاء ، والهجاء كالموقوف عليه وإن اتصل ، ومن أخفاها بني على الاتصال (٢).
قوله تعالى : (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) [القلم : ٦].
يسأل عن (الباء) هاهنا (٣)؟ وفيها ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنّها زائدة ، والتّقدير : أيّكم المفتون (٤).
والثاني : أنها بمعنى (في) والتّقدير : في أي فرقكم المفتون ، أي : المجنون ، وهذا قول الفراء (٥).
والقول الثالث : أن (الْمَفْتُونُ) بمعنى : الفتون ، كما يقال : ماله معقول ، وليس له محصول ، وهذا قول ابن عباس (٦).
قال مجاهد : المفتون : المجنون ، وقال قتادة في (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) أيّكم أولى بالشيطان ، جعل (الباء) زائدة (٧).
قال الرّاجز :
نحن بني جعدة أصحاب الفلج |
|
نضرب بالسّيف ونرجو بالفرج (٨) |
أي : نرجو الفرج.
قوله تعالى : (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦) إِنَّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ (١٧) وَلا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ) [القلم : ١٦ ـ ٢٠].
__________________
(١) السبعة : ٦٤٦ ، والحجة لابن خالويه : ٢٩٧ ، والمبسوط : ٤٤٣.
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء : ٣ / ١٧٢.
(٣) ذكر الخلاف فيه الفارسي في البصريات : ١ / ٥٤٤.
(٤) هذا قول : أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٢٦٤ ، وابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن : ٢٤٨ ، وأنكره الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ١٥٩.
(٥) معاني القرآن للفراء : ٣ / ١٧٣.
(٦) استحسن هذا الوجه النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٤٨٢.
(٧) ينظر جامع البيان : ٢٩ / ٢٥ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٤٨٢.
(٨) سبق تخريجه.