قوله تعالى [١٠٤ / ظ] : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) [الملك : ٣٠].
يقال غار الماء يغور غورا ، إذا غاض في الأرض (١).
والمعين : الّذي يراه العيون ، وقيل المعين : الجاري ، وهو قول قتادة والضحّاك (٢) ، فعلى القول الأوّل يكون (مفعولا) من العين ، كمبيع من البيع ومكيل من الكيل ، وعلى القول الثاني يكون في تقدير (الفاعل) وتكون (ميمه) أصلية ، ويكون من الإمعان في الجري (٣) ، ويجوز أن يكون في معنى (مفعول) فتكون (الميم) زائدة ، كأنّه قد أجري عيونا ، قال الفراء (٤) : العرب تقول : (أصبح ماؤكم غورا ومياهكم غورا) ، ويقال : هذا ماء غور وبئر غور وماءان غور ومياه غور ، فلا يجمعون ولا يثنون ولا يقولون : غوران ولا أغوار ، وهو بمنزلة : الزّور ، يقال : هؤلاء زور لفلان ، وكذلك : الضيف والصوم والفطر وفي تقديره وجهان :
أحدهما : أن يكون في تقدير : ذا غور.
والثاني : أن يكون المصدر وضع موضع اسم الفاعل ، كما قالوا : جاء ركضا ومشيا ، أي : راكضا وماشيا (٥).
ومن سورة القلم
قوله تعالى : (ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) [القلم : ١].
النّون : في قول ابن عباس ومجاهد : الحوت الذي عليه الأرضون وجمعه (نينان) سماعا لا قياسا ، وروي عن ابن عباس من طريقة أخرى : أن (النّون) الدواة ، وهو قول الحسن وقتادة ، وقيل : (النون) لوح من نور ذكر في خبر مرفوع ، وقيل : هو اسم للسورة ، وحكمه في الإعراب إذا كان اسما للسورة حكم (الم) [البقرة : ١](٦).
__________________
(١) ينظر الصحاح : ٢ / ٧٧٣ (غور) ، ومعالم التنزيل : ٨ / ١٨١.
(٢) جامع البيان : ٢٩ / ١٦ ، وبحر العلوم : ٣ / ٣٩٠.
(٣) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٤٧٧ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٤٧.
(٤) معاني القرآن للفراء : ٣ / ١٧٢.
(٥) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ١٥٧ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٤٧٧.
(٦) تفسير مجاهد : ٢ / ٦٨٧ ، وجامع البيان : ٢٩ / ١٨ ، وبحر العلوم : ٣ / ٧٩.