نصبا ؛ لأن الضرب ليس من هذا القبيل ، ومن هذا القبيل (١) قوله : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى) [الكهف : ١٢] ، وقوله : (لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) [مريم : ٦٩] ، وقوله : (فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً) [الكهف : ١٩] ، وقد شرحنا ذلك.
قوله تعالى : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك : ١٤].
يسأل عن موضع (مَنْ) من الإعراب؟
والجواب : أنها في موضع رفع ؛ لأنها فاعل (يَعْلَمُ) والتقدير : يعلم الذي خلق ما في الصدور (٢) ، ولا يجوز أن تكون مفعولة ل (يَعْلَمُ ؛) لأن المعنى لا يصح على ذلك ، وذلك أن (من) لمن يعقل دون ما لا يعقل فلو [١٠٤ / و] جعلت (من) مفعولة لصار المعنى أنه يعلم العقلاء خاصة ولا يعلم سواهم وهذا لا يصحّ على القديم (٣).
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) [الملك : ١٩].
يقال ما معنى : (ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ؟)
والجواب : أنه تعالى وطّأ لهنّ الهواء ، ولو لا ذلك لسقطن ، وفي ذلك أكبر آية ، قال مجاهد وقتادة : الطير تصفّ أجنحتها تارة وتقبضها أخرى (٤).
وممّا يسأل عنه أن يقال : كيف عطف (يَقْبِضْنَ) وهو فعل على (صافَّاتٍ) وهو اسم ، ومن الأصل المقرر أن الفعل لا يعطف على الاسم ، وكذلك الاسم لا يعطف على الفعل؟
والجواب : أن (يَقْبِضْنَ) وإن كان فعلا فهو في موضع الحال وتقديره تقدير اسم فاعل ، و (صافَّاتٍ) حال ، فجاز أن يعطف عليه ، فكأنه قال : أو لم يروا أن الطير فوقهم صافات وقابضات (٥) ، وقد جاء مثل هذا في الشعر ، قال الراجز :
__________________
(١) وضح ذلك الفراء في معاني القرآن : ٣ / ١٧٠ ، والأخفش في معاني القرآن : ١ / ٢٠٣.
(٢) ينظر مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٤٥.
(٣) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٤٧٣ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٤٦ ، والمحرر الوجيز : ٥ / ٣٤١.
(٤) ينظر تفسير مجاهد : ٢ / ٦٨٥ ، وبحر العلوم : ٣ / ٣٨٨ ، والكشاف : ٤ / ١٨٤.
(٥) ينظر إعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٤٧٤ ، ومشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٤٦.