وخدمتها لبيت المقدس مقام رجل أو رجال (١).
ومن سورة الملك
قوله تعالى : (تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ) [الملك : ١].
قال علي بن عيسى : معنى (تَبارَكَ) تعالى ؛ لأنه الثابت الدائم الذي لم يزل ولا يزال ؛ وذلك أن أصل الصفة : الثبوت ، من البروك وهو ثبوت الطير على الماء ، ومنه البركة لثبوت الخير بها ، قال : ويجوز في معنى (تَبارَكَ) تعالى من جميع البركات منه ، إلا أن هذا المعنى مضمّن في الصفة غير مصرح به ، وإنما المصرح به : تعالى باستحقاق التعظيم (٢) والملك : القدرة والسلطان ، وأصله من أصل الملك ، وأصل الملك من الشّد ، يقال : ملكت العجين إذا شددته (٣) ، وقد شرح في الفاتحة (٤).
قوله تعالى : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) [الملك : ٢].
الابتلاء : الاختبار ، يقال : بلوت هذا الأمر وابتليته أي : اختبرته (٥) ، قال زهير (٦) :
فأبلاهم خير البلاء الّذي يبلو
ويقال : لم يبل من يخبر ، أي : يعلم ، والجواب لتقوم الحجّة ، لئلا يبقى للخلق على الله حجّة ، ويكون الثواب والعقاب بعد العلم بوقوع الأمر دون العلم بأنه سيكون كذلك.
وقوله : (أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) مبتدأ وخبر (٧) ، ولا يعمل فيه (لِيَبْلُوَكُمْ) لأن البلوى لم تقع على قوله : (أَيُّكُمْ ،) وفي الكلام إضمار فعل ، والتقدير : ليبلوكم ؛ لينظر أيّكم أطوع له (٨) ، وكذلك قوله تعالى : (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ) [القلم : ٤٠] ، وإنما يأتي هذا ونحوه في أفعال العلم ، ولو قلت : اضرب أيهم ذهب أو يذهب ، لم يكن إلا
__________________
(١) ينظر مجاز القرآن : ٢ / ٢٦١ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٤٦٨.
(٢) جامع البيان : ٢٩ / ٣ ، وبحر العلوم : ٣ / ٣٨٥ ، والنكت والعيون : ٦ / ٤٩.
(٣) النكت والعيون : ٦ / ٤٩.
(٤) في قوله تعالى : (مالك يوم الدين) ، ولكنه من المواضع الذي شمله السقط.
(٥) اللسان : ١٤ / ٨٤ (بلا).
(٦) في شرح ديوانه لثعلب : ١٠٦ ، وهو عجز بيت صدره : (رأى الله بالإحسان ما فعلا بكم)
(٧) معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ١٥٤ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٤٦٩.
(٨) نبه لهذا الفراء في معاني القرآن : ٣ / ١٦٩.