الخشب : جمع خشبة ، مثل : بدن وبدنة ، والخشب : جمع خشبة أيضا ، مثل : شجرة وشجر ، وقيل : خشب جمع خشاب ، وخشاب جمع خشبة كما يقال : ثمرة ثمار وثمر ، فعلى هذا يكون (خشب) جمع الجمع ، وكذلك (ثمر) من قوله تعالى : (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) [الكهف : ٤٢] ، فخشبة وخشب بمنزلة شجرة وشجر ، وخشب وخشاب بمنزلة جبل وجبال ، وخشاب وخشب بمنزلة كتاب وكتب (١).
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو الكسائي «خشب» بإسكان الشّين ، وقرأ الباقون (خُشُبٌ) بالضم ، وخشب مخففة من خشب كما يقال : رسل في رسل وكتب وكتب (٢).
قوله تعالى : (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) [المنافقون : ٨].
جاء في التفسير (٣) : أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم كان في غزوة من غزواته ، فالتقى رجل من المسلمين يقال له (جعال) وآخر من المنافقين على الماء فازدحما عليه فلطمه (جعال) وأبصره (عبد الله بن أبي) فغضب ، وقال : ما أدخلنا هؤلاء القوم ديارنا إلا لتلطم ما لهم قاتلهم الله ، يعني جعالا وقومه ، ثم قال : إنكم لو منعتم أصحاب هذا الرجل القوت ، يعني : النبي صلىاللهعليهوسلم لتفرقوا عنه وانفضوا ، فانزل الله تعالى : (هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) [المنافقون : ٧] ، ثم قال عبد الله بن أبي : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزّ منها الأذلّ ، وسمعها (زيد بن أرقم) فأخبر بها النبي صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله تعالى : (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ) [المنافقون : ٨]
نصب (الْأَذَلَّ ؛) لأنه مفعول و (الْأَعَزُّ) فاعل (٤) ، وأجاز الفراء : (ليخرجنّ الأعزّ منها الأذلّ) على أن (ليخرجنّ) غير متعد ؛ لأنه من خرج يخرج ، قال : كأنّك قلت : ليخرجنّ العزيز منها ذليلا ، وفي هذا بعد ؛ لأن (الْأَذَلَ) معرفة ، ولا يجوز أن تكون الحال معرفة (٥) ، إلا أنه ربما [١٠١ / ظ] قدّرت الألف واللام كأنّهما زائدتان ، وقد حكى سيبويه (٦) :
__________________
(١) ينظر معاني القرآن للفراء : ٣ / ١٥٩ ، وتهذيب اللغة : ٧ / ٩٠ (خشب).
(٢) ينظر السبعة : ٦٣٦ ، ومعاني القراءات : ٣ / ٧١ ، والحجة في لأبي علي الفارسي : ٦ / ٢٩٢ ، والمبسوط : ٤٣٦.
(٣) ينظر معاني القرآن للفراء : ٣ / ١٥٩ ـ ١٦٠ ، وبحر العلوم : ٣ / ٣٦٦ ، وأسباب نزول الآيات : ٢٨٧.
(٤) قال بهذا مكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٣٦.
(٥) نسبه إلى هذا النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٤٣٧ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٣٦ ـ ٧٣٧.
(٦) الكتاب : ١ / ١٩٨.