قوله تعالى : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ (٧٥) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) [الواقعة : ٧٥ ـ ٧٦].
المواقع : جمع موقع ، وأصله : من وقع يقع (١) ، والأصل في يقع : يوقع ؛ لأن كل (فعل) على (فعل) وفاؤه (واو) فإنه يلزم (يفعل) نحو : وعد يعد ووزن يزن ، والأصل : يوعد ويوزن ، فسقطت (الواو) لوقوعها بين (ياء) و (كسرة) ، والعرب تستثقل ذلك إلا أن تقع فتحة حرف الحلق وهو (العين) ، و (مفعل) يلزم هذا القبيل في المصدر ، والمكان نحو قولك : وعدته موعدا ، وهذا موعد القوم (٢) ، قال سعيد بن جبير المعنى : أقسم ، ف : (لا) على هذا القول صلة (٣) ، وقال الفراء (٤) : هي نفي ، أي : ليس الأمر كما يقولون ، ثم استؤنف : أقسم.
وقيل في (بِمَواقِعِ النُّجُومِ) قولان :
أحدهما : أنه يعني بها القرآن ؛ لأنه نزل نجوما على النبي صلىاللهعليهوسلم وهذا قول ابن عباس ومجاهد (٥).
والثاني : أنّه يراد بها مساقط نجوم السماء ومطالعها ، وهو قول قتادة وروي مثله عن مجاهد في بعض الروايات (٦) عنه ، وقال الحسن (٧) : مواقعها [٩٧ / و] : انكدارها وانتشارها يوم القيامة.
قوله تعالى : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة : ٧٩]
يقال : مسست الشيء أمسّه مسّا ، ويقال : لا مساس ولا مساس.
واختلف في قوله : (إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) :
فقال : ابن عباس والحسن وسعيد بن جبير وجابر بن زيد (٨) وأبو نهيك (٩) ومجاهد :
__________________
(١) ينظر تهذيب اللغة : ٣ / ٣٤ (وقع).
(٢) الكتاب : ٢ / ٢١٨ و ٢٣٢.
(٣) قال بهذا أبو عبيدة في جاز القرآن : ٢ / ٢٥٢ ، وابن جني في المحتسب : ٢ / ٣٠٩.
(٤) ينظر معاني القرآن للفراء : ٣ / ١٢٩ ، وبحر العلوم : ٣ / ٣١٩.
(٥) تفسير مجاهد : ٢ / ٦١٥ ، وروى هذا القول النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٣٤٢.
(٦) تفسير مجاهد : ٢ / ٦٥٢.
(٧) نسب هذا الرأي إلى الحسن الماوردي في النكت والعيون : ٥ / ٤٦٣.
(٨) أبو الشعثاء الأزدي ، البصري ، أحد الأعلام وصاحب ابن عباس ، روى عن قتادة وأيوب وعمرو بن دينار وطائفة ، (ت ٩٣ ه) وقيل : غير ذلك. ينظر ترجمته في : تذكرة الحفاظ : ١ / ٧٢ ، وتهذيب التهذيب : ٢ / ٣٤.
(٩) وهو : عثمان بن نهيك الأزدي الفراهيدي ، روى عن ابن عباس وأبي زيد ، وعمر بن أخطب. ينظر ترجمته في : تهذيب التهذيب : ١٢ / ٢٣٤.