نتبعه ، إلا أنه حذف اكتفاء بالظاهر الذي هو (نَتَّبِعُهُ) ولا يجوز إظهاره ، ولا يجوز أن يكون منصوبا ب : (نَتَّبِعُهُ ؛) لأنه عامل في (الهاء) ، ولا ينصب أكثر من مفعول واحد ، ويجوز في الكلام الرفع (١) ، على الابتداء و (نَتَّبِعُهُ) الخبر ، إلا أن النصب أجود ؛ لأن الاستفهام أولى : لأنه يقتضي الفائدة ، والفائدة أصلها أن تكون بالفعل (٢).
قوله تعالى : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) [القمر : ٤٩].
يسأل عن نصب (كُلَّ؟)
وفيه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أنه منصوب بإضمار فعل (٣) يدل على (خَلَقْناهُ) كأنه في التقدير : إنّا خلقنا كل شيء خلقنا ، ثم حذف على ما تقدم في قوله : (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً) [القمر : ٤] ومثله : زيدا ضربته ، إلا أنه مع الاستفهام أجود.
والثاني : أنه جاء على ما هو بالفعل أولى ؛ لأن (إِنَّا) يطلب الخبر في (خَلَقْناهُ) فهو على قياس : أزيدا ضربته (٤) ، وهذا الوجه في القوة مثل قوله : (أَبَشَراً مِنَّا) [القمر : ٢٤]
والثالث : أنه يدل على البدل الذي المعنى يشتمل عليه ، كأنه قال : إنّ كلا خلقناه بقدر (٥) ، وكان سيبويه (٦) يقول : الرفع أجود هاهنا ، إلا أن العامة أبوا إلا النصب.
والرفع على الابتداء والخبر والجملة خبر (إِنَّا).
ومن سورة الرحمن
قوله تعالى : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) [الرحمن : ٥]
يسأل عن معنى : (بِحُسْبانٍ؟)
__________________
(١) ينظر شرح اللمع لابن برهان : ١ / ٨٦ ـ ١٨٧ ، وشرح ملحة الإعراب : ١٥٤.
(٢) نبه لهذا الأخفش في معاني القرآن : ١ / ٧٧ ، والحريري في شرح ملحة الإعراب : ١٥٤.
(٣) هذا قول الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٧٤.
(٤) نسب هذا الوجه النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٢٩٨ إلى الكوفيين ، وكذلك مكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٠٢ ، وأيده ؛ لأن فقيه دلالة على أن جميع المخلوقات من خلق الله تعالى.
(٥) ينظر المقتصد : ١ / ٢٣٢.
(٦) ينظر الكتاب : ١ / ٧٤ ، وهو أيضا قول الأخفش في معاني القرآن : ١ / ٨٧.