وروي مسروق عن عبد الله قال (١) ، مضى اللزام ومضت البطشة ومضى الدخان ومضى القمر ومضى الروم ، والأخبار في هذا كثيرة.
وسمي القمر قمرا لبياضه (٢) ، والأقمر : الأبيض ، وهو يسمى قمرا من الليلة الثالثة ، وقيل : إذا حجر ، أي : بان السواد حوله ، وقيل : إذا بهر ، وذلك يكون في السابعة ، فإذا انتهى واستوى قيل له بدر ، وذلك ليلة الرابع عشر سمي بذلك لتمامه ، ومنه اشتقاق البدرة ، وقيل : سمي بذلك لمبادرته الشمس بالطلوع ، والعرب تقول للهلال أول ليلة : ليلة عتمة سخيلة حل أهلها برميلة ، وابن ليلتين : حديث أمتين كذب ومين ، وابن ثلاث : قليل اللباث ، وابن أربع : عتمة ربع لا جائع ولا مرضع ، [٩٥ / و] وابن خمس : عشاء خلفات قعس ، ويقال : حديث وأنس ، وابن ست : سر وبت ، وابن سبع : دلجة الضبع ، وابن ثمان : قمر اضحيان ، وابن تسع : يلتقط فيه الجزع ، وربما قالوا : مقطع الشسع ، وابن عشر : مخنق الفجر ، وربما قالوا : ثلث الشهر ، وليس له اسم بعد ذلك لقربه من الصباح (٣).
وسمي الهلال هلالا لإهلال الناس عند رؤيته ، والإهلال : الصياح ، ومنه : استهل الصبي ، إذا صرخ عند الولادة (٤).
قوله تعالى : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) [القمر : ١٦]
العذاب : اسم للتعذيب ، بمنزلة : الكلام من التكليم والسّلام من التسليم ، في أنهما اسمان لمصدرين ، وليس بمصدرين (٥).
والنّذر : قيل هو جمع (نذير) بمنزلة : رغيف ورغف ، وقيل : هو واحد ، وفي الآية دلالة على أن (الواو) لا ترتب ؛ لأن النذر قبل العذاب ، بدليل قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) [الإسراء : ١٥]
قوله تعالى : (فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ) [القمر : ٢٤]
نصب (بَشَراً) بفعل مضمر يدل عليه (نَتَّبِعُهُ)(٦) ، والتقدير : أنتّبع بشرا منا واحدا نتبعه ، إلا أنه حذف اكتفاء بالظاهر الذي هو (نَتَّبِعُهُ) ولا يجوز إظهاره ، ولا
__________________
(١) ينظر المعجم الأوسط : ١ / ١٧ ، والدار المنثور : ٥ / ٨٢.
(٢) ينظر الصحاح : ٢ / ٧٩٨ (قمر).
(٣) ينظر النكت والعيون : ١ / ٢٣٧ ـ ٢٣٨.
(٤) ينظر الصحاح : ٥ / ١٨٥٢ (هلل).
(٥) ينظر معاني القرآن للفراء : ٣ / ١٠٧ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٢٨٧.
(٦) هذا قول الأخفش في معاني القرآن : ١ / ٧٧ ، والمبرد في المقتضب : ٢ / ٧٦ ، والنحاس في معاني القرآن : ٣ / ٢٩٠ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٠.