والجواب : أن المعنى : بحساب يقال : حسبت الشيء حسبا وحسبانا ، بمنزلة : الشكران والكفران ، وقيل (١) : هو جمع حساب ، كشهاب وشهبان ، قال ابن عباس وقتادة وابن زيد : بحسبان ، أي بحساب ومنازل يجريان فيهما (٢).
وفي تقدير الخبر وجهان :
أحدهما : أن يكون (بِحُسْبانٍ) الخبر (٣).
والثاني : أن يكون الخبر محذوفا (٤) لدلالة [٩٦ / و] المجرور عليه ، والتقدير : والشمس والقمر يجريان بحسبان ، والتقدير في الوجه الأول : وجرى الشمس والقمر بحسبان ، والمعنيان يتقاربان ، إلا أنك تقدر في الوجه الأول حذف مضاف وحذف الخبر ، وتقدر على الوجه الثاني حذف الخبر فقط ، وحذف شيء واحد أولى من حذف شيئين.
قوله تعالى : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) [الرحمن : ٦].
النجم من النبات : ما لم يقم على ساق ، نحو : العشب والبقل ، والشجر : ما قام على ساق (٥).
ويسأل عن معنى (يَسْجُدانِ؟)
وفيه جوابان :
أحدهما : أن ظلهما يسجد لله بكرة وعشيا ، هذا قول جاهد وسعيد بن جبير ، وكل جسم له ظل فهو يقتضي الخضوع بما فيه من الصنعة (٦).
والثاني : وهو قول الفراء (٧) : أنهما يستقبلان الشمس إذا أشرقت ثم يميلان حين ينكسر الفيء ، فذلك سجودهما.
وقيل (٨) : سجودها : الخضوع لله بالأقوات المجعولة فيهما للناس وغيرهم من الحيوان ،
__________________
(١) هذا قول أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٢٤٢ ، والأخفش في معاني القرآن : ٢ / ٢٨٢.
(٢) ينظر جامع البيان : ٢٧ / ١٥١.
(٣) نقل هذا الرأي النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٣٠١.
(٤) هذا قول الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٧٥ ، ومكي في مشكل إعراب القرآن : ٢ / ٧٠٤.
(٥) ينظر تفسير ابن عباس : ٤٧٤ ، ومجاز القرآن : ٢ / ٢٤٢.
(٦) تفسير مجاهد : ٢ / ٦٣٩ ، وجامع البيان : ٢٧ / ١٥٤ ، وبحر العلوم : ٣ / ٣٠٥.
(٧) معاني القرآن : ٣ / ١١٢ ، وينظر قول الزجاج في معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٧٦.
(٨) ينظر تأويل مشكل القرآن : ٤١٨ ، واستحسنه النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٣٠١ ، وينظر النكت والعيون : ٥ / ٤٢٤.