نحو قوله تعالى : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ) [آل عمران : ١٥٩] ، و (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) [النساء : ١٥٥] ونحو قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً) [البقرة : ٢٦] ف : (ما) في أحد القولين زائدة ، وقد زادت العرب (ما) زيادة لازمة نحو قولهم : افعل ذلك آثرا ما (١).
قرأ الكسائي وحمزة وعاصم من طريقة أبي بكر مثل بالرفع ، وهي قراءة الأعمش ، وقرأ الباقون بالنصب ، وهي قراءة الحسن (٢) ، فالرّفع على أنّه نعت للحق (٣) ، وأما النّصب ففيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أن يكون في موضع رفع ؛ لأنه مبني لأضافته إلى غير متمكن وهو الاسم الناقص (٤) ، قال الشاعر (٥) :
لم يمنع الشّرب منها غير أن نطقت |
|
حمامة في غصون ذات أو قال |
فبنى (غير) لأنها مبهمة أضافها إلى مبني وهو (أن) ، وموضع (غير أن نطقت) رفع ، وكذلك (مثل) مبهم أضيف إلى مبني ، فهذا وجه.
والوجه الثاني : أنه منصوب على الحال (٦) ، وهو قول الجرمي ، وفيه بعد ؛ لأن (حقا) نكرة ، والحال لا تكون من النكرة ، إنّما شرطها أن تكون نكرة بعد معرفة قد تم الكلام دونها ، نحو قولك : جاء زيد راكبا ، تنصب (راكبا) لأنه نكرة جاء بعد (زيد) وهو معرفة يجوز أن يوقف دونه ؛ لأنك لو قلت : جاء زيد ، لكان [٩٢ / ظ] كلاما تاما ، وهذه الحال منتقلة ، إلا أنه قد جاء عن العرب حرف شاذ ، وهو قولهم : وقع أمر فجأة ، نصبوا (فجأة) على الحال من (أمر) وأمر نكرة ، ولو حمله حامل على أنه منصوب على المصدر لكان وجها ؛ لأن المعنى : وقع أمر وفاجأ أمر سواء.
__________________
(١) ينظر حروف المعاني للزجاجي : ٥٤ ، ومعاني الحروف للرماني : ٩٠ ، والأزهية : ٧٨.
(٢) ينظر معاني القرآن للفراء : ٣ / ٨٥ ، والسبعة : ٦٠٩ ، والمبسوط : ٤١٥ ، والتيسير : ٢٠٣.
(٣) قال بهذا الزجاجي في معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٤٤.
(٤) هذا قول سيبويه في الكتاب : ١ / ٤٧٠.
(٥) البيت لأبي قيس بن الأسلت ، كما في تاج العروس : ٨ / ١٩ ، وبلا نسبة في الأصول : ١ / ٢٧٦ ، وشرح الرضي على الكافية : ٣ / ١٨١. أوقال : جمع وقل ، وهو ثمار شجر المقل ، اللسان : ١١ / ٧٣٤ (وقل).
(٦) ينظر الأصول : ١ / ٢٧٦ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٢٣٥.