من النّفر اللّاتي الّذين إذا هم |
|
يهاب اللئام حلقة الباب قعقعوا |
فجمع بين (الّلاتي) و (الّذين) وأحدهما مجزي من الآخر ، وأمّا في الأدوات فقول الشاعر (١) :
ما إن رأيت ولا سمعت به |
|
كاليوم طالي أينق جرب |
فجمع بين (ما) و (إن) وهما جحدان أحدهما يجري مجرى الآخر.
وأما الوجه الآخر : فإن المعنى لو أفرد ب : (ما) لكان المنطق في نفسه حقا لا كذبا ، ولم يرد به ذلك ، وإنما أراد به أنه لحق كما أن الآدمي ناطق ، ألا ترى أن قولك : أحق منطقك؟ معناه : أحق هو أم كذب؟ وإن قولك ؛ أحق أنك تنطق؟ معناه ؛ ألك النطق حقا؟
والنطق له لا لغيره ، وأدخلت (أنّ) ليفرق بين المعنيين ، قال : وهذا أعجب الوجهين إليّ.
وهو كما قال (٢) ؛ لأن الوجه الأول ضعيف ، أما البيت الأول فالرواية المشهورة فيه :
من النّفر البيض الّذين إذا هم |
|
يهاب اللئام حلقة الباب قعقعوا |
وأما البيت الثاني فلأن (لا) فيه زائدة ، والعرب تزيد (إن) مع (ما) (٣) ، نحو قول النّابغة (٤) :
فما إن كان من نسب بعيد |
|
ولكن أدركوك وهم غضاب |
وكذا قول الآخر (٥) :
فما إن طبّنا جبن ولكن |
|
منايانا ودولة آخرينا |
وهذا إن شاع في الحروف فإنه في الأسماء ، بعيد و (ما) و (أنّ) اسمان في تأويل المصدر ، إلا أنّه يجوز أن تكون (ما) حرفا فيسوغ زيادتها ، ولا يسوغ إذا كانت مصدرية ؛ لأنها في حيّز الأسماء ، ولا يستحسن زيادة الأسماء ، وأما الحروف فيستحسن زيادتها لا سيما (ما)
__________________
(١) البيت لدريد بن الصّمة ، كما في ترتيب إصلاح المنطق : ٣٨٦ ، وهو من شواهد الفراء في معاني القرآن : ٣ / ٨٤ ، وابن هشام في مغني اللبيب : ٢ / ٦٧٩.
(٢) أي : الفراء ، لأن كل هذا نقله عن الفراء في معاني القرآن : ٣ / ٨٤ ـ ٨٥.
(٣) ينظر المقتضب : ١ / ٥١ ، وتحصيل عين الذهب (للأعلم) في هامش كتاب سيبويه : ١ / ٤٧٥.
(٤) ديوانه : ١٩.
(٥) البيت لفروة بن مسيك المرادي ، كما في اللسان : ١ / ٥٥٤ (طيب) ، وتاج العروس : ١ / ٣٥١ ، وبلا نسبة في الجامع لأحكام القرآن : ١٦ / ٢٠٨ ، والبرهان في علوم القرآن : ٤ / ٢١٨.