بعضهم : هو على التمثيل (١) ، وأنشد :
امتلأ الحوض وقال قطن |
|
مهلا رويدا قد ملأت بطني (٢). |
وكذا قول عنترة (٣) :
وشكا إليّ بعبرة وتحمحم
والأول هو المذهب ؛ لأنه لا يمتنع أن يخلق الله لها آلة فتتكلم ؛ لأن من أنطق الأيدي والأرجل والجلود قادر على أن ينطق جهنم ، وكذا قوله : (قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت : ١١] ، هو قول وليس على طريق التمثيل.
وقيل في هذا الجمع إنه إنما أتى كذلك ؛ لأنه لما أخبر عنها بفعل من يعقل جمعها جمع من يعقل فهذا يؤكده ما قلناه.
وقال الكسائي : المعنى أتينا نحن ومن فينا طائعين. وفيها من يعقل فغلب على ما لا يعقل ، وكل حسن جميل (٤).
ومن سورة الذاريات
قوله تعالى : (كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ (١٧) وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الذاريات : ١٧ ـ ١٨].
يسأل عن نصب (قَلِيلاً؟) وفيه وجهان :
أحدهما : أنه نعت لمصدر محذوف تقديره ؛ هجوعا قليلا من الليل ما يهجعون (٥) ، فعلى هذا الوجه تكون (ما) زائدة ، و (يَهْجَعُونَ) خبر (كانُوا ،) والتقدير : كانوا يهجعون هجوعا قليلا (٦).
__________________
(١) ينظر الكشاف : ٤ / ٩.
(٢) لم أقف على قائله ، وهو من شواهد القرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ١٥ / ٣٤٤ ، وابن منظور في اللسان : ٧ / ٣٨١ (قطط) ، وقطني : بمعنى حسبي.
(٣) ديوانه : ٣٠ ، البيت الثامن والستون من معلقته ، وهو عجز بيت صدره : (فازور من وقع القنا بلبانه)
(٤) ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٣٩ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٣ / ٢٢٢ ، وبحر العلوم : ٣ / ٢٧٢ ، ومعالم التنزيل : ٧ / ٣٦٢.
(٥) هذا ظاهر قول أبي عبيدة في مجاز القرآن : ٢ / ٢٦٦ ، والزجاج في أحد أقواله ، ينظر معاني القرآن وإعرابه : ٥ / ٤٤.
(٦) قال بهذا النحاس في إعراب القرآن : ٣ / ٢٣٣.